اتصل بنا
 

الغابة التي لا يُستجاب فيها الدعاء(24) التيوس المتوّجة وعصير الأحجار السوداء

نيسان ـ نشر في 2025-09-13 الساعة 15:18

نيسان ـ ...
اجتمعت حيوانات الغابة ذات مساء وقد دوّى في الأفق صراخ صغار الغزلان المحاصرة في الوادي البعيد. كان صوتهم يصل إلى كل أذن، حتى الخفافيش في كهوفها كانت تلتفت بفزع. لكن في مجلس التيوس المتوّجة – حيث الشبع والتفاخر – لم يُسمع شيء سوى قرقرة البطون الممتلئة ونقيق الضفادع المصفّقة لهم.
قال الثعلب العجوز وهو يضحك بخبث:
حين يجفّ عصير الأحجار السوداء، سيرميكم النسر الأعمى كما يُرمى الكلب العجوز من حضيرةٍ ضاقت به.
هزّ الببغاء رأسه وأضاف ساخرًا:
تسمعون صراخ صغار حراس الغابة، لكنكم توزّعون حبّات الذرة على الغربان القادمة من وراء البحار. وعدتم الضباع بالهبات، بينما صغاركم يعضّهم الجوع.
تنحنح البغل الحكيم وقال:
حين ينفد عصير الأحجار السوداء الذي تتباهون به، لن يبقى من سيرتكم سوى وصمة عار تُكتب في طين الغابة. الشعوب ستنهض كما تنهض النمور الجائعة، وستعرف من الذي باع ومن الذي خان.
ضحكت الغربان بصوت أجش:

يومها لا النسر الأعمى سيحميكم، ولا قصوركم من القشّ المذهّب ستستركم، فالنار تأكل القشّ مهما كان مطليًا بالذهب.
ثم خيّم صمت ثقيل. حتى التراب الذي اعتاد أن يغطي جثث الفئران صرخ:
سأستحي أن أستر عاركم!
ومن يومها، كتبت الغابة على جذوع أشجارها حكمة لا تُمحى:
حين يقاتل الصغار بدمهم، تنكشف وحوش الاحتلال،
ويُفضَح التيوس المتوّجة بالصمت.

نيسان ـ نشر في 2025-09-13 الساعة 15:18


رأي: د. وليد العريض

الكلمات الأكثر بحثاً