اتصل بنا
 

الهيئات المستقلة إذ تتحول لإمبراطوريات بيروقراطية بلا رقيب أو حسيب

نيسان ـ نشر في 2025-12-10 الساعة 20:08

الهيئات المستقلة إذ تتحول لإمبراطوريات بيروقراطية
نيسان ـ ابراهيم قبيلات
عاد رئيس الوزراء الأسبق عبدالرؤوف الروابدة ليذكّرنا بأحد ألغاز الاقتصاد الأردني، لكنه هذه المرة عمل على تفكيكه وشرح كيف حملناه وتحول إلى واقع يبدو أننا لا نستطيع الاستغناء عنه.
قال الروابدة: "كلما وجدنا مشكلة لم نستطع إيجاد حل لها، صنعنا لها دائرة مستقلة"، حتى بلغ عدد هذه الدوائر 63 دائرة مستقلة، جميعها مربوطة برئيس الوزراء مباشرة.
وفي معرض حديثه خلال إحدى المحاضرات، تساءل: "كيف يستطيع رئيس وزراء أن يدير 33 وزيرا و65 دائرة تحولت إلى إمبراطوريات لمن يرأسها، فلا رقابة ولا سلطان عليها؟"
ولم يتوقف كشف الروابدة عند هذا الحد، فعندما أفصح بأن موازنات هذه الدوائر بدأت تعرض على البرلمان منذ نحو عشر سنوات فقط، قدّم نسبة صادمة: إن موازنة هذه الدوائر تشكل ثلث موازنة الدولة!
رقم لا يستوعبه عقل في اقتصاد نعاني منه الأمرين، ثم نجد أنفسنا مضطرين إلى إنفاق ثلث موازنتنا على هذه الدوائر.
ضع هذه النسبة إلى جانب تفاصيل أخرى في الموازنة، وسيخطر في بالك سؤال محير: كيف تصرف الدولة على خدماتها للمواطنين إذا كان هدر المال العام وصل إلى هذا الحد؟
الفتوحات التي أفصح عنها الروابدة لم تتوقف عند هذا الحد. فأشار إلى أن القيادات الإدارية في الدولة كانت تتولد سابقا وفق التدرج الطبيعي للموظف الذي يبدأ من أول السلم.
ومع اعترافه بأن "الواسطة كانت موجودة لكنها كانت الاستثناء"، أكد أن "التطور الإداري كان يشمل 90% من الموظفين".
أما اليوم، فقد حل محل هذا النظام "استيراد القيادات للدوائر بالمظلات" - كما وصفها - حيث تأتي قيادات "لم تعش مع الدائرة، ولم تتطور معها، ولا تعرف أهدافها". ثم صار لدينا لجنة من أجل البحث عن القيادات، ليقول بعدها: "أنا لا أفهم كيف يتم اختيار قيادات الوطن".
نحن هنا لسنا أمام ظاهرة تتحدث عن مجرد إهدار مالي، بل أمام تدمير منهجي لمقومات الإدارة الرشيدة في الدولة. لقد أصبحت الدوائر المستقلة غاية في حد ذاتها، أو على حد وصف الروابدة "إمبراطوريات"، وليست وسيلة لخدمة المواطن.

نيسان ـ نشر في 2025-12-10 الساعة 20:08

الكلمات الأكثر بحثاً