اتصل بنا
 

هل سيكون 2026 عاماً آخر لهيمنة التنين الصيني على أمريكا ترامب؟

نيسان ـ نشر في 2025-12-18 الساعة 12:21

هل سيكون 2026 عاما آخر لهيمنة
نيسان ـ من السهل إعلان الرئيس الصيني شي جين بينغ الفائز في سباق 2025. كانت اللحظة الحاسمة خلال العام الجاري هي استسلام دونالد ترامب لشي في كوريا الجنوبية أواخر أكتوبر. وقد شكّل تراجع ترامب عن الحرب التجارية بداية حقبة جديدة.
وبعد سنوات من التفكير في فك الارتباط، تم تعليق الحديث عن الانفصال الأمريكي الصيني. والغريب أن ترامب منح ذلك الاجتماع درجة 10 من 12، لكن في واقع الأمر فقد حصلت الصين على 10 منها، والباقي لأمريكا ترامب.
لقد استفاد شي ببساطة من انتظار الفرص الاستراتيجية. ونادراً ما كان الشعار المقلوب، «لا تفعل شيئاً، بل قف مكانك»، أكثر ملاءمة من الآن. وخلال الأيام القليلة الماضية، عزز ترامب من مكاسب شي جين بينغ بموافقته على بيع شركة إنفيديا رقائق «إتش 200»، حتى وإن كان ذلك بفرض تعريفة تصديرية بنسبة 25 %. والمنطق وراء ذلك هو أن إنفيديا شركة أمريكية رائدة، ويجب أن تهيمن على جميع الأسواق. لكن الحقيقة هي أن ترامب قدّم للصين أكبر هدية مجانية حتى الآن، فمن المعروف أن أشباه الموصلات المتقدمة المجال الرئيسي الذي لا تزال الصين متأخرة فيه عن الولايات المتحدة. وبذلك، فإن ترامب يساعد في واقع الأمر في تضييق هذه الفجوة.
إن الهدف الاستراتيجي لترامب هنا غامض. فمن جهة، يزيل ترامب القيود المحلية أمام نمو الذكاء الاصطناعي بهدف التفوق على الصين في مجال الذكاء الخارق. ومن جهة أخرى، يزود ترامب الصين بالأدوات اللازمة لمواكبة هذا التطور. التفسير الوحيد المنطقي لجمع الأمرين معاً هو المال. فازدهار الذكاء الاصطناعي يملأ خزائن ترامب، ويقف إلى جانبه جميع رجال الأعمال تقريباً. في الوقت نفسه، وعدت إنفيديا بدفع 15% من إيراداتها الجديدة من الصين إلى الحكومة الأمريكية. رغم أن كيفية حساب هذه النسبة وتحصيلها تبقى غامضة.
إنني أجد أن محاولة البحث عن منطق جيوسياسي وراء سياسة ترامب تجاه الصين أمر عبثي. وقد تخلّت استراتيجية الأمن القومي الأخيرة عن الإشارة إلى الصين وروسيا كمنافسين متكافئين. وأشارت الوثيقة إلى إضافة منطقية من جانب ترامب لمبدأ مونرو، وهو ما سيكون له تداعيات على الصين. فقد أعلن ترامب أن نصف الكرة الغربي منطقة محظورة على القوى الخارجية. ومن بين حلفاء الصين الإقليميين فنزويلا. وقد يُفسّر مسعى ترامب لإبعاد الصين عن احتياطيات النفط الهائلة في فنزويلا، جزئيًا على الأقل، الحشد العسكري الأمريكي في جوارها.
لكن ذلك يجعل ما تبقى من استراتيجية ترامب للأمن القومي مصمماً لتسريع قبضة الصين على بقية العالم. كذلك، فإن أفضل فرصة لأمريكا لاحتواء صعود الصين هي عبر التعاون مع أوروبا، لكن ترامب يستهدف تغيير الأنظمة في أوروبا. وتحت ذريعة «محو الأوروبيين للحضارة»، يتمثل هدف أمريكا الصريح الآن في وصول أحزاب شبيهة بحزب ترامب إلى السلطة في أوروبا. ويحوّل ذلك الولايات المتحدة إلى منافس أيديولوجي للحكومات الديمقراطية الليبرالية في أوروبا. كما أن ترامب يمنح الصين وروسيا بذلك الأدوات اللازمة لتسريع تفكك الغرب.
علاوة على ذلك، ينزع ترامب فعلياً فتيل الصراع العالمي في مجال الطاقة. فقد بلغت قيمة صادرات الصين من تكنولوجيا الطاقة النظيفة خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2025 ضعف قيمة صادرات أمريكا من الوقود الأحفوري. وفي «مشروعه الكبير والجميل»، ألغى ترامب تدريجياً معظم الإعفاءات الضريبية والإعانات الأمريكية للطاقة البديلة. وبذلك، ستسيطر الصين على آفاق الطاقة الجديدة وتُزوّد دول الجنوب العالمي بهذه المنافع العامة. ومن خلال مضاعفة استثماراته في الوقود الأحفوري، يُسلّم ترامب مستقبل الطاقة العالمي للصين.
وهكذا، يطرح السؤال نفسه: هل سيكون 2026 عاماً آخر للتنين الصيني؟ إن قمة أخرى ستجمع ترامب مع شي جين بينغ في أبريل المقبل. وحتى ذلك الحين، لا يريد ترامب لأي شيء أن يُعكّر صفو العلاقات الأمريكية الصينية الدافئة. ومن الصعب المبالغة في وصف التحول الذي طرأ منذ البداية، فالقصة بسيطة تماماً.
لقد أطلق ترامب سلاحه في أبريل بفرض تعريفات جمركية بنسبة 145% على الصين. ورد شي جين بينغ بإطلاق سلاحه الخاص - فرض قيود على صادرات العناصر الأرضية النادرة. وكان من شأن ذلك أن يُوقف جزءًا كبيرًا من الإنتاج المدني والعسكري الأمريكي. لذلك، فقد تراجع ترامب في أكتوبر. واتضح بجلاء أن سلاح شي جين بينغ أقوى، على الأقل للسنوات القليلة المقبلة. ولم تتعد تنازلات شي المحدودة مجرد تشديد القيود على صادرات الصين المتعلقة بالفنتانيل واستئناف استيراد فول الصويا من أمريكا.
وبالنظر إلى المحصلة النهائية، فقد قدم عام 2025 درسًا قاسيًا. تستطيع الولايات المتحدة الآن بيع فول الصويا للصين مجدداً، وتضمن الصين وصول أمريكا إلى المعادن النادرة. وكإضافة، تحصل الصين على معالجات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، وإن لم تكن الأحدث.
في غضون ذلك، توقف شركاء أمريكا التجاريون من غير الصين عن البحث عن منطق وراء هذا الجنون، لأنه لا يوجد أي منطق. وفي هذه المرحلة من التنافس بين القوى العظمى، كانت رحلة ترامب كاشفة للغاية: لقد أبرزت بكل وضوح قوة سيطرة الصين على أثمن سلع العالم. وعلم الآخرون جميعاً أنهم متروكون لمصيرهم. وعموماً، فقد تأكد أن شعار «أمريكا أولاً» يصلح كشعار انتخابي، بينما على أرض الواقع، فإن الصين هي التي تتقدم بقوة إلى الأمام.

نيسان ـ نشر في 2025-12-18 الساعة 12:21

الكلمات الأكثر بحثاً