اتصل بنا
 

صناعة أكبر قرص فلافل ... الدخول إلى التاريخ عبر بواباته الضيقة

نيسان ـ نشر في 2016-01-02 الساعة 12:55

x
نيسان ـ

محمد قبيلات... كان العربي يدخل التاريخ، في أسوأ الأحوال، من أضيق أبوابه، بأن يقوم أحد خصومه من الشعراء الفحول بهجائه بأبيات من الشعر فتجري سيرته على الألسن، ويتلقفها الرواة ويتوارثونها من جيل الى جيل.

الأمر مختلف الآن، فلم يعد الشعر ديوانا للعرب، بل أنهم أصبحوا يتنافسون ويُنافسون على الدخول الى الموسوعات العالمية، فيتسللون من أبواب مطابخها ومرافقها الخلفية، وليس الفارق كبيرا، فربما هو إجراء من باب ونوع تغيير العتبات لا أكثر.

تتناقل وسائل إعلامية ومواقع تواصل اجتماعية، هذه الأيام، دخول الأردن موسوعة غينيس من خلال صناعة قرص الفلافل الأكبر في العالم. ودخلت فلسطين من خلال أكبر طبق حمص. ولبنان وسوريا من خلال أطباق المشاوي ومأكولات أخرى. ويذهب شاب عربي الى المجد من خلال حمل أكبر عدد من " الشباشب" في يد واحدة، وهكذا.

هل حقا أن هذه هي إمكاناتنا ومؤهلاتنا فقط التي يمكن من خلالها دخول التاريخ في هذه الأيام؟ هل رُفعت الأقلام عنّا وهل جفّت الصحف، وهل نضبت موارد الابتكار لدينا كأمة؟

ألم يبقى لدينا من الإمكانات التي تُشكل إضافة نوعية للمعرفة والخبرة العالمية؟ وإن كانت موجودة، لماذا لا تعبأ بها وسائل الإعلام فتذهب لترويج كل هذا الغثاء؟

إذا سألت ناشرا أو مسؤولا إعلاميا لماذا تم نقل ذلك الخبر دون غيره؟ وما هي أهميته؟ يجيبك على الفور أن هذا ما يحبه القراء، والقراء هنا تعني بالنسبة له السوق.

فأين المشكلة؟

هل المشكلة كامنة في الحدث - الفعل؟ أم في ناقل المعلومة؟ أم في المتلقي الراغب بسماع الأخبار السهلة المسلّية؟

من ناحية الأحداث، هي كثيرة، والتاريخ لا يتوقف، حتى أن المراقب يظل يخال أن المرحلة التي يعيشها هي أهم مراحل التاريخ، وأكثرها حساسية، فما الأحداث الآنية إلا حلقات في سلسلة التاريخ الطويلة، والمهارة تكمن في التقاط الحلقة الراهنة، التي تقود للحلقة الأخرى الأرقى في السلسلة، وبغير ذلك يكون تيها وخروجا عن خط سير التاريخ المتصاعد تطورا.

وسائل الإعلام لا تتصرف من ذاتها ودون هدف، فهي تُعبر عن أهداف مالكيها، وعلى الأغلب المتمكنين مرحليا وغير الراغبين بالمجازفة والرهان على المستقبل، لكنها لا تكف عن محاولتها صناعة الرأي العام وتشكيله على هيئة معينة تخدم غايات مالكيها.

أما الرأي العام – الناس - فالأمة فيه لا تخطئ، وإن بدا تحركها باتجاه غاياتها بطيئا.

نيسان ـ نشر في 2016-01-02 الساعة 12:55

الكلمات الأكثر بحثاً