اتصل بنا
 

حرية الإعلام.. أخلاقيات تحمي المجتمع وتصون المهنة

نيسان ـ نشر في 2016-01-28 الساعة 17:13

x
نيسان ـ

إبراهيم قبيلات

ثمة فارق بين الإعلام المسؤول- الذي يعي دوره في الإخبار بالحقيقة والتحريض على المصلحة العامة- وبين آخر لا يدرك ماهية دوره الوظيفي في مجتمعات تسعى للحرية وغد محبور.

بيد أن الإعلام المسؤول يستدعي أولاً تحديد جوهر المصلحة العامة وآلية التعبير عن مختلف وجهات النظر؛ الرسمية والشعبية، مؤيدة كانت أم مناهضة، وهو ما يعبّد الطريق أمام فلسلفة الحقيقة، والحق بالمعرفة باعتبارهما الناظم الأساسي والقيمي للإعلام.

ظلت الحقيقة ديدين الإنسان وغايته على مدى العصور، فيما شكلت تعقيدات المجتمع ومحاذيره، وتطور احتياجاته وتنوعها قيوداً صنعت "تابوهات" مقدسة حالت دون تمكن الصحافيين من تقديم نماذج إخبارية حرة ونزيهة.

واحدة من الأسس الفقهية للإعلام المسؤول، هي الخروج على المقدس، الذي دنس طويلاً الحقيقة والحرية وقيد أصحابها، وأعاقهم عن مهمتهم في الوصول للحقيقة أو إيصالها للمتلقي من دون تزيين أو تشويه.

ولعل "العربية"، المُغرقة في المُراوغة والأجناس اللغوية، أتاحت هوامش أوسع لحرف الحقيقة ومواراتها، في خضوع مذل أحبط إنساننا، وساقه ضمن منظومة من الموروثات لسلوك دروب السلامة بعيداً عما شذ وضل.

تلك الحالة، وما صاحبها من تداعيات إشكالية، ساقت أهل المهنة الى طريق بشعبتين: "تفريط" و"إفراط"، دفعهم الاول الى الاخلال بميزان القيم، بينما غمسهم الآخر في مستنقع التضليل، بما أحال المعالجات الإعلامية الى ضروب هي أبعد ما تكون عن المسؤولية، المرافقة دوما للاعلام الحر.

ثمة تجنٍ آخر لحق بالاعلام المسؤول، وهو رهنه بمواثيق شرف، لم تكن غايتها اقرار الحرية باعتبارها القيمة الانسانية الاسمى، بل الامعان في فرض القيود عبر قوالب تسر الناظرين، فيما جوهرها أشد بشاعة وأكثر تضليلا.

وبالنظر إلى المبادئ التي أقرها الدستور والقوانين والضوابط الناظمة لممارسـة مهنة الصحافة، وحيث أن الصحافة رسالة وطنية لا سلعة فقط ، فإن حرية الإعلام صنو المسؤولية أمام ثقة القراء والبحث عن الحقيقة.

وإذ ما أدركنا أبعاد ومآلات حرية الإعلام ومسؤوليته مترجمين ذلك في وقعنا العملي، بوصفها ركيزة ومصدراً لكافة حقوق الإنسان الأخرى وأصلها، فإن ذلك يقدم الدليل تلو الدليل على أن حق الحياة والحرية والأمن تصبح مجرد مفردات بلا معنى إذ لم يتبع ذلك كله حرية التعبير عن الآراء من دون خوف في إطار من المسؤولية الرافضة للفوضى.

ضمن هذا الفهم تصبح حرية الإعلام محطة تنويرية ترفد المواطن وتؤكد حقه في المعرفة، إلى جانب إيصال همه والتعبير عن ضميره أمام السلطات من دون محاذير قانونية أو تشوهات مهنية.

نيسان ـ نشر في 2016-01-28 الساعة 17:13

الكلمات الأكثر بحثاً