اللاجئون يهدّدون وجود أوروبا
غسان حجار
كاتب لبناني
نيسان ـ نشر في 2016-03-10 الساعة 12:08
ليست مأساة اللاجئين السوريين في لبنان، ومثلهم الفلسطينيون، في تهجيرهم من أرضهم وبلادهم فقط، لكنها ايضا في عدم الرغبة في اعادتهم لاحقا من الطرف الذي تسبب بتهجيرهم، وهي تكمن تحديدا في تحولهم عبئا على المجتمعات المضيفة، ويدخلون تاليا في خصومات مع مواطني تلك الدول، خصوصا اذا ما استغل فقرهم وعوزهم. والأفظع من هذا وذاك من الاسباب هو تخلي المجتمع الدولي - ولنقل العربي تحديدا - عن اغاثتهم واعالتهم لتحويلهم عالة واستغلالهم لاحقا في الارهاب، بل وتحويلهم وقودا لحروبهم الصغيرة والوضيعة.
ورغم وعي المجتمع الدولي لخطر اللجوء، لم يتحرك وفق ما يجب لتجنيب نفسه "كارثة" دولية وشيكة. فقد اعتبر السفير الاميركي السابق في العراق وسوريا ريان كروكر ان تدفق ملايين النازحين المحتمل "ليس مشكلة للشرق الاوسط ولا لاوروبا فحسب، وانما مشكلة للعالم ولاميركا". وأكد ان "ازمة اللجوء الحالية هي الاخطر منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية".
والاخطر ان هذا الديبلوماسي العريق يعبر عن قلق مسؤولين اميركيين تحدثوا في الاسابيع الماضية في مجالس خاصة عن تهديد لـ"وجود" اوروبا، كما انه يخشى ان يؤدي "تدفق المهاجرين الى تفكك الاتحاد الاوروبي بصفته بنية سياسية".
وحذر من ان الدول "الواقعة في الخطوط الامامية، اي تركيا والاردن ولبنان، تواجه مخاطر بأن تتزعزع". وطالب كروكر الحكومة الاميركية بتنظيم "قمة عالمية عن المهاجرين" في اسرع وقت ممكن لانه "لا المنطقة (الشرق الاوسط) ولا اوروبا يمكنهما تجاوز" الازمة. لكن وفق السفير الاميركي السابق، فإن ادارة الرئيس باراك اوباما اخطأت حتى الان "بعدم ابداء حس قيادة"، في حين أن اميركا فقط "يمكنها احداث فرق" في تسوية الازمة.
وإذا كان ممكنا ومرجحا تبني واقعية آراء كروكر، فان السؤال الذي يتبادر الى الذهن هو عما ينتظر العالم الى يومنا، فلا يبادر الى عقد تلك القمة العالمية التي بلغ تهديدها اوروبا، وساهمت تركيا وتساهم كل يوم في الضغط عليها عبر دفع مجموعات جديدة من اللاجئين الى حدودها. وها هي اليونان تجد صعوبة في التصدي لظاهرة اللجوء، ومثلها أكثر من دولة أوروبية، حيث بدأت عرى الاتحاد بالتفكك في ضوء خوف أوروبي متراكم من تغيير هوية تلك القارة العجوز. يقوم العالم بتشخيص المشكلة - الازمة والتنظير في أسبابها ونتائجها عبر مؤتمرات وندوات ودراسات خبراء وتحليلات، لكنه لا يخرج بتوصيات تلزم أياً من مكوناته، حتى المساعدات تبقى مرتبطة بإرادة المانحين من دون القدرة على إلزامهم إذا لم يفوا بالتزاماتهم.
تذكرنا النتائج الحالية دولياً بالتوصيات التي تصدرها المؤتمرات المحلية والتي تحفظ في الادراج الى موعد المؤتمر التالي، فينفض عنها الغبار لاعداد صيغة جديدة منقحة تنضم الى سابقاتها ولا تجد طريقاً الى التطبيق.
النهار