اتصل بنا
 

عثرات السياسة الخارجية

نيسان ـ نشر في 2016-04-21 الساعة 17:49

x
نيسان ـ

كتب محمد قبيلات....واجهت السياسة الخارجية الأردنية، الأسبوع الحالي، متاعب كثيرة، تبدت بشكل واضح في حقلين مهمين؛ العلاقة الاردنية السعودية، وكذلك الفلسطينية.
فيما يخص الرعاية الأردنية للمقدسات الإسلامية المقدسية، اضطرت الحكومة الأردنية لإلغاء كاميرات المراقبة التي كانت محط جدل أردني فلسطيني واسع، والمشكلة الكبرى، أن ما نتج عن هذا الإجراء، هو فرح فلسطيني واضح وغضب إسرائيلي.
فبينما عبر مقدسيون -وعلى رأسهم- المفتي الفلسطيني عكرمة صبري عن ثنائهم على القرار الأردني بالانسحاب، رأى رسميون اسرائيليون أن في ذلك خطوة سلبية، وتمنى نتنياهولو أن الكاميرات بقيت ليرى العالم من الذي يأتي أولا على الحركات المستفزة.
الشيخ عكرمة صبري يرى أن المشكلة ليست في الكاميرات بحد ذاتها، أو فيمن يشرف عليها، بل باستغلال الجانب الإسرائيلي الكاميرات في نهاية الأمر؛ لمحاسبة الناشطين الفلسطينيين وسجنهم، بينما سيتم التساهل مع المتطرفين الإسرائيليين.
بالمحصلة النهائية سحبت الكاميرات الأردنية، وفشلت الفكرة من أساسها، مع أن الأردن لديه من الأدوات الكافية التي تؤهله لشرح موقفه بشكل أفضل، خصوصا وأنه يتبع وزارة الأوقاف الأردنية أكثر من 800 موظف في القدس.
كان يفترض بهذا الجيش الجرار من الموظفين أن يكون مؤهلا لإدارة هذا الملف، وأقله أن لا يتم النقاش بين الدولة الأردنية والمقدسيين عبر وسائل الإعلام، وسط حياد سلبي للسلطة الفلسطينية وتدخل مباشر من حماس.
أما العلاقة الأردنية السعودية، فالقصة أعقد بكثير، أعقد لأن الفلسطيني تعوّد على ملابسات السياسة الخارجية الأردنية، خصوصا أنه واقع في الملابسات ذاتها، أما الأخ السعودي فلم يقتنع حتى هذه اللحظة بحساسية وخصوصية الموقف الأردني.
كما أن السعودي لا يحب أن يُجهد نفسه في التحليل، يريد النتائج فورا من دون عناء ترتيبها بعد مقدمات وعمليات تعكس التنسيق بين صراع الأولويات.
ولو كان يحب أن يبذل جهدا خفيفا، لتوصل إلى النتيجة بغير عناء كثير، فاليمن أمامه الآن والعراق من خلفه.
فلم يستفد من تدمير العراق سوى ايران، ولم يتمدد في اليمن جراء التراخي السعودي على مدى وقت طويل إلا هي.
وفي سورية، لا بد أن الخلاف موجود، وبالاعتماد على التحليل وليس المعلومة، نرى أن أولوية السعودية هناك، هي وقف المد الإيراني، بينما أولوية الأردن القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية وإلى حد ما جبهة النصرة.
ولسنا هنا بصدد بحث أي الموقفين أصح، لأن المسألة ليست خاضعة للصحيح والخطأ، بل للمصالح.
لكن يمكننا القول إنه كان يمكن للبلدين تحقيق الأولويتين معا، في وقت واحد، بدعم مصالح الشعب السوري المتجلية في ثورته على النظام الأسدي، لكن الحقيقة المؤلمة هي أن لا الأردن ولا السعودية معنيين بنجاح نموذج ثورة على حكم مستبد، وبناء دولة ديمقراطية، لذلك ذهب كل إلى غايته، فحصل التباين.
وفق هذه الرؤية، حصل تباين في الشرح للمراكز الغربية، فالأردن على قناعة راسخة وإيمان بالنظام السعودي، ولا ينتقده عندما يقول أن المؤسسات السعودية فرّخت الإرهاب، وفي السعودية نفسها يواجه النظام هذه الحقيقة.
ففي الوقت الذي تحاول جهات رسمية منح المرأة الحق بقيادة السيارة، خرج قبل اسبوع المفتي السعودي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ بفتوى مفادها أن في قيادة المرأة للسيارة فتنة.
كما قامت السلطات السعودية بالحد من صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف.
ماذا يعني ذلك؟.
ببساطة هذا يعني أن هناك مشكلة. لماذا اذاً يغضب المسؤول السعودي عندما يتم الحديث في هذا الأمر!؟
لكن مشكلة القنوات الأردنية، التقليدية والحديثة، لم تستطع شرح هذه الأمور للأشقاء السعوديين، لأنها لا تتعامل معهم بالندية الكافية، أو ربما لوجود معوقات موضوعية، كتلك التي واجهت وزارة الخارجية في ملف الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي.
أعني دولة قطر، والتي لم تعلن رفضها انضمام الاردن للمجلس، بل لجأت إلى تقديم اقتراح حول انضمام المغرب أيضا إلى مجلس التعاون؛ ما أدخل القصة كلها في نقاشات متشعبة أفضت الى تأجيل النظر في الملف.
لكنّا نرى أن المغرب اليوم شريكة للخليج وتُدعى للقمة، بينما يتم التعامل مع الأردن بالتجاهل، وهذا أمر يطول شرحه، لأن الخوض فيه لا يمكن أن يتم إلا من باب الاستنتاج والتحليل لغياب المعلومة الدقيقة.
القنوات الأخرى – غير التقليدية- عاجزة أيضا عن الشرح، سواء القديمة منها أو الجديدة، ولمزيد من الوضوح، فإن مرد عجز القنوات القديمة- ممثلة بدولة الرئيس فيصل الفايز، والجديدة المتمثلة بالمفوض أو الممثل الدكتور باسم عوض الله- كون وساطتهما مجروحة، فبرغم انها اردنية، أو تنطلق من الجانب الأردني، إلا انها تتلقى الأوامر –على الأغلب- من الرياض، وليس دائما من عمّان، ناهيك عن أثر وجودهما من ناحية الإزدواجية والإرباك على أداء وزارة الخارجية.
إن أكثر ما تحتاج إليه السياسة الخارجية الأردنية اليوم الوضوح والشفافية، والاستفادة من الطريقة التي تتعامل بها السياسة الخارجية العُمانية، فما زالت مسقط تتعامل مع الملفات الصعبة، بوضوح باد لكل الأطراف، وتحقق توازنا يخدم مقاصد سياستها الخارجية، من دون أن تغضب أحدا.

نيسان ـ نشر في 2016-04-21 الساعة 17:49

الكلمات الأكثر بحثاً