عن الولد الشقي ّ ! للأديب الأردني ماجد شاهين
نيسان ـ نشر في 2016-05-19 الساعة 15:51
( 1 )
أتعثر بولد ٍ شقيّ يخرج في السطر الأوّل ويمدّ لسانه مُستهزئاً بالفكرة والقصة والكتابة ، ذلك كلّما حاولت كتابة قصّة .. فأترك القصة و أروح إلى النص ّ و السرد الآخر !
ولا مهرب أو فرصة للنأي ،
فالولد الشقي ّ حاضر في الحكايات :
في الشجر والنافذة
في القصة والشارع
في الماء و لقمة الخبز
في النوم و مسرح المدينة
في الدفاتر و كأس الشاي
في الرسالة الخفيفة بين عاشقين
في قرص الدواء الذي يتناوله مـُرهَق ٌ
في قعر فجان القهوة
في بطن ِ إبريق الزيت !
..
الولد الشقي ّ حاضر و روحه تملأ سلال التعب و سلال الفاكهة وسلال القلق !
..
أتعثر به أينما اتجهت كانما يبحث عنّا لكي نراه فينا ، أو نراه في وجوه التراب و الجدران و عند باعة الزعتر والبقدونس .
..
الولد الشقي ّ يملأ الأماكن فاكهة ولا يأكل منها ،
يملأ البلاد ضجيجا ً ولا يصرخ
يملأ الدالية عنبا ً ولا يقطفها قبل أوانها
يملأ " جرار الفخـّار " ماء و زيتا ً ولا يأخذ سوى حصـّته في رغيف الخبز !
..
الولد الشقي ّ ، يعرفنا بأسمائنا و أسمالنا و وجوهنا ، و يخرج ُ لسانه لنا ساخرا ً أو مستنكرا ً حين نزعم أننا لا نعرفه .
يخرج لسانه لنا حين لا نداري سوءاتنا .
( 2 )
كلّما حاولت ُ كتابة قصة قصيرة ، أتعثر بولد ٍ شقيّ يخرج في السطر الأوّل ويمدّ لسانه مُستهزئاً بالفكرة والقصة والكتابة ... الولد الشقيّ له ألف حكاية وحالة و سؤال :
.. الولد مركون بلا مأوى تحت نافذة انتظار .
.. الولد خذلته التباسات الوالدين مع الحياة ، افترقا لأن ّ الجارة لم تعجبها ياقة قميص العروس .
.. الولد هجر مدرسته و لم يتقن الحروف لأنّ المعلّم أصرّ على تلقين الولد درساً فضربه بعصا غليظة عشرين مرة على يديه الضعيفتين .. والسبب أن الولد نسي أن يرقع مزقاً في قميصه .
.. الولد ، وبمصادفة عجيبة ، حاول أن يفتح علبة سردين ، كانت ناولته إياها جارة مغناجة ، جُرحَت يد الولد ، و المفاجأة كانت : علبة السردين فارغة .
.. الولد يقتعد الرصيف أو يدور قريباً منه ، بثياب رثّة و وجه لفحته الشمس والرياح السوداء .
.. الولد يصرخ في الناس ويقول :
( من كان منكم بلا قميص تالف ٍ أو شفاه يابسة ، فليبتعد عنّي (.
.. الولد تناسلت منه أرواح و ملأ الفضاء .
.. الولد الذي يكتب قصّتنا ، ولا يريد أن نكتبه ، هذا الولد ملأ البلد .


