اتصل بنا
 

تحت الأنقاض

نيسان ـ نشر في 2016-05-23 الساعة 20:07

x
نيسان ـ

لبنى دهيسات

كمرآة تحطمت .. بقاياها ما زالت متلاصقة .. تنظر إليها تعكسك خيالات باهتة ، هذه عيناي ... ويداي تصفقان لكل تلك الزلازل في رأسي ، وقلبي الوحيد هو الذي يقف شاهداً على تلعثم صوتي تحت أنقاض جدران كانت صامدة احتوت بؤساً وقلوباً قبل ان تنقض فوق رأسي .. المشهد من تحت الركام قاتم ، خيالي يُنصتُ لوقع خطىً فوق الأنقاض تبحث عن ناجٍ علني سأكون أنا .. يقول لي "أمل" بهيئة ملاك : ستكون الناجي القادم. أفتح عيناي بصعوبة بالغة ، يُخيل لي وجهه وجه طفل له جناحان يرف بهما فوق رأسي الذي أحسه ثقيلاً جداً . كيف له أن يتحرك بهذه الخفة ، وأنا الذي أعجز أن أطبق راحة يدي لكنني لا أكف عن التصفيق لهم ولي وللحرب وللسلام والرصاص والعالم كله الذي يُخيل لي أني أمتلك الآن طاقة كافية لأصرخ بوجهه : كم أكرهك .. وكم خذلتنا .. ولو عشت يوماً فوق وأنا تَحْتُ الآن لكرهتك أكثر .. يرف حولي ، يقطر من يده بضع قطرات ماء باردة يُبلل شفاهي الدامية ، وأبتسم ، أتخيل أنني سأنجو وسأكتب عنواناً "ملاكٌ سقى ضحية حرب تحت الركام " عقلي يُصدِّق كل هذا الان يظن أن هذا الماء إكسير الحياة الذي سأنجو من بعده من الموت ، ربما ليس بخيال ما دمت أحس بطعم الماء الذي أذكر أنه بلا طعم ، ربما ذاك فوق ، أما في الأسفل كل ما يحضرني له طعم . حتى أني أغص بطعم الحرب والرصاص والخوف ، مرارةٌ سيئة تدفعني لأتقيأ .. هي ذات المرارة في الأعلى والأسفل . الفرق أنك في الأعلى عاجزٌ ومرغم على الصمت ، ينقصك الأمل فلا ملاك يأتي ليسقيك شربة ماء . تُمضي وقتك تراقب السماء خوفاً من رصاصة من طرف أولئك أو أولئك وأنت الذي لم تكن طرفاً يوماً إلا لأرضك ... رأسي ثقيل ولساني ثقيل كل ما أحلم به الآن أن أنجو طعم الحياة لمن هم تحت الأنقاض لذيذ . يرف لي .. ويبسم ، يأخذ بيده حفنة من تراب تطاير وبقايا ، ينثرها في وجهي فأغفو وأحلم ، ويستمر وقع الخطى في الأعلى بحثاً عن ناجٍ

نيسان ـ نشر في 2016-05-23 الساعة 20:07

الكلمات الأكثر بحثاً