اتصل بنا
 

اغتيال ابن الطائفة المسيحية اليساري ناهض حتر في الأردن

كاتبة وصحافية مقيمة في لندن

نيسان ـ نشر في 2016-09-28 الساعة 19:12

اغتيال الناشط اليساري ناهض حتر في الأردن بسبب كاريكاتور جدلي، والسلطات تلقي القبض على القاتل، والطائفة المسيحية في الأردن تتحرك للمطالبة بالعدالة، ويجب على المسؤولين الأردنيين التعامل بحكمة مع هذه الحادثة واحترام الاختلاف الثقافي والديني.
نيسان ـ

إن اغتيال ناهض حتر بثلاث رصاصات، من أصل سبع أطلقت عليه، جاء صباح الأحد على يد شخصٍ قيل أنه دخل الأردن من بلد مجاور، بحسب صحف محلية أردنية وأكدت سلطات الأمن إلقاء القبض على القاتل، الذي نفذ العملية أمام قصر العدل في عمان.
جاءت الحادثة بعد مرور أسبوعين على إطلاق سراح الناشط اليساري بكفالة مالية، على خلفية الكاريكاتور الجدلي والذي كان نشره على الفيس بوك في الثالث عشر من آب الماضي. وكان مدعي عام عمان قد وجه إلى الكاتب اليساري تهمتي "إثارة النعرات المذهبية" و"إهانة المعتقد الديني". كما سعت الحكومة لمحاكمته أمام محكمة أمن الدولة، لكن حتر نفى حينها التهم الموجهة إليه، مؤكدًا أنه "غير مذنب".
إن ما يحدث في الأردن قد يدل على انعطافةٍ خطرة، فالطائفة المسيحية لها وضعها وحقوقها وهم متراصون متكاتفون، ولهم ارتباطات قوية مع الفاتيكان والكنائس في العالم، ولا بد أن يتحركوا ولن يسكتوا عن حادثة الاغتيال هذه. كما أن حتر ابن عشيرة أردنية في ذات الوقت، وسيكون هناك من سيطالب بالثأر له. أما الرسم الكاريكاتوري الذي كان نشره عبر صفحته في الفيس بوك، فقد حذفه. وكان يمكن أن يغلق الملف وتنتهي القضية "على السكيت" بدون بلبلة وبدون شوشرة.
وكان من الأجدى للمسؤولين الأردنيين أن يتعاملوا بحكمة مع هكذا حادثة، وأن يتذكروا أن حتر نشأ في بيئة مسيحية، بمعنى أنه متعود على رؤية "الذات الإلهية"/ المسيح بالنسبة لدينهم، مجسدة في صور وتماثيل منذ صغره. وهذا يعني أن حتر لا يرى عيبًا أو حرامًا في تصوير "الذات الإلهية"، وكان علينا نحن الأغلبية الدينية المسلمة أن نستوعبه ونحتضنه ونراعي اختلافه الثقافي عنا وتباين منظوره الديني مقارنة بمنظورنا. وأكاد أجزم أنه لم يكن ينوي الإساءة لأبناء المسلمين، بل ربما قد ضاق ذرعًا كبقيتنا من التطرّف والمتطرفين.
ولولا أنه يعتبر نفسه أخًا للمسلمين، لما نشر هذا الكاريكاتور، لأنه كان يتحدث في ما يعنيه وفيما يخصه، ثقافته وإطاره العربيين و الإسلاميين، وهو مواطن وليس بضيف ويحق له أن يعبر في كل شيء وأي شيء. ولذلك، لا أتفق تمامًا مع الإجراءات القاسية التي اتخذت ضده. فلنقل الله يستر، إذ أن هناك من يقول بأن وراء حادثة الاغتيال ما ورائها.
أما مسألة المساس بالدِّين والتكفير والتهديد والوعيد يجب أن تنتهي فورًا، والدولة يجب أن تكون مدنية. وكفاكم جميعًا أن تلعبوا دور "الله". إن من منح الحياة هو الوحيد الذي يحق له أن يأخذها. لا شأن لكم بمن يكفر ويؤمن ومن يلحد، فلكلٍ رب يحاسبه. أوليس الله هو المنتقم، الجبار، الغفور...ثم أننا نسمع قصصًا كثيرة عن القبر والموت والجنة، كثير منها غير موثق وغير مسنود، وكل يوم يطلع حديث جديد، يعني بروباغاندا، وهكذا أنا فهمت الكاريكاتور، أن هناك تأويلات "داعشية" عن الجنة، كثير منها غير واقعي. ببساطة شديدة. حتر يعتبر كافر أصلاً، في نظر المتطرفين، كونه مسيحيا. والمفروض مصيره إلى النار، فلِم لم تتركوه لمصيره؟ ولم أزهقتم روحًا بغير حق؟ ربما يكون مصير حتر الجنة بسببكم الآن! وبالتأكيد، فإن حتر، سيُصبِح شهيد حرية التعبير. وأتمنى أن يتسع صدر المسؤولين في الأردن لأبناء وبنات الأردن، حتى إن أخطأنا أو انحرفنا عن المسار أو حتى إذا تعدينا خطًّا أحمر. رجاءً عاملونا بلطف وحنيّة لأن الوضع صعب ولا يحتمل أصلاً. اتركونا نتنفس ونفكر ونعبر بحرية. اتركونا نعيش الحياة لا الموت!

نيسان ـ نشر في 2016-09-28 الساعة 19:12


رأي: سندس القيسي كاتبة وصحافية مقيمة في لندن

الكلمات الأكثر بحثاً