اتصل بنا
 

برموش العين

نيسان ـ نشر في 2016-10-10 الساعة 10:41

نتعلم كيف نتعامل مع تغييرات المزاج والمشاعر في الحياة الزوجية ونحن البشر.
نيسان ـ

تعترينا، نحن البشر، على مدى هذه الحياة، تغييرات وتحولات كثيرة على المستوى النفسي، لعل أخطرها وأكثرها تعقيداً هو ما يصيب منطقة المزاج والمشاعر ومقدار الإقبال على الحياة والقدرة على الاحتفاظ بجذوة الحالة الشعورية، تلك التي قد يؤثر تقلبها وتبدلها على مصائر وحيوات وعلاقات إنسانية مكرّسة، مثل روابط الحب والزواج والصداقة والقرابة التي يؤدي تبدل الإحساس بها إلى خلل كبير.
وفي المقارنة بين حالة الحب وعلاقة الزواج، تبدو التبعات المترتبة على انتهاء علاقة الحب الحر غير المنطوي ضمن مؤسسةٍ أقل فداحةً وكارثيةً، إذ يُسدل الستار، بعد مدّ وجزر، في الفصل الأخير، حين يقرّر العاشقان إعلان وفاة الحب، بعد كثيرٍ من المكابرة وتبادل التهم، غير أنهما يسلمان بحتمية المقدّر مع كل الألم، لكن، من دون أن ترتّب تغييراتٍ ملموسةً في الواقع الأجتماعي. وفي نهاية الأمر، يواصل كلٌّ منهما حياته سالكاً دروباً جديدة، على النقيض من علاقة الزواج، وهي العلاقة المركّبة المتشعبة ذات الأوجه المختلفة والحمولات الإضافية من صغار أبرياء، لا حول لهم ولا قوة، غير أنهم مضطرون لدفع فاتورة واقع هذا التبدّل المحزن في أحاسيس جارفةٍ من حبٍ ولهفةٍ وتوقٍ، اندفعنا إليها ذات يوم بملء أرواحنا، متجاوزين الحواجز والعقبات، مذللين الصعوبات، متحايلين على وقائع كي نظفر بالعيش مع من نحب، نمنحه، بكل طاقتنا، كل أسباب الفرح والهناء وراحة البال والتوافق والانسجام والألفة، قبل أن يكتسح الجفاء والبرود والوحشة البيت نفسه الذي شيد على فكرة الأمل، خاتمة مؤسفةً، نقدّمها لهم عقوبةً جائرةً على ذنبٍ لم يرتكبوه. جرت العادة في مجتمعاتنا أن تبدي المرأة إيثاراً وتضحيةً ونكران ذات في مواجهة منغصّات الحياة الزوجية من ضغوطٍ ماديةٍ وتضارب أمزجة وملل جرّاء الروتين.
تفعل ذلك، بشكل غريزي، في سبيل راحة صغارها، مهما بدت أسباب تعاستها غير قابلة للحل، تعضّ على الجرح، وتواصل الحياة واضعةً نصب عينيها راحة الأولاد وأمانهم الأسري فوق أي اعتبار، انطلاقا من أن الأمومة امتياز ودرجة شرف رفيعة، ومسؤولية أخلاقية وإنسانية، لا مناص من القيام بأعبائها، باعتبار ذلك أول حقٍ لأطفالنا، علينا أن نحبهم ونحميهم مما قد يكسر أرواحهم، ويورّثهم إحساساً بالنقص تجاه أقرانهم، ممن ينعمون بحياةٍ سويةٍ، تبيح لهم طفولةً مطمئنةً، ودفئاً أسرياً، لن يعوّضه شيء في مقبل الأيام، حتى في حالة الفراق القسري بالوفاة، غالبا ما تتعطل حياة الأنثى في بلادنا، سيما إذا كانت أمّاً، وليس مقبولاً تماماً في أعرافنا أن تقدم امرأةٌ ترملت إلى الزواج من جديد، حتى لو كانت في مقتبل العمر، وذلك حماية لصغارها من شبهة احتمال أذىً من رجلٍ غريبٍ، ترفض أن يعيش صغارها في كنف زوج أمٍ لا يؤتمن جانبه من حيث المبدأ، ولأن تكوين المرأة بالأساس مضادٌ لفكر التخلي، فإنها، في معظم الأحيان، تكنّ في عشّها، وترعى صغارها برموش العين، إلى أن يشتدّ عودهم، وتنبت أجنحتهم، في حين يدور الهمس، والمشاورات الخافتة في بيت العزاء، فور وفاة الزوجة يتناقشون، بشكل إجرائي عن عروسٍ محتملة، تواصل الحياة مع الأرمل الذي لن يبدي اعتراضاً كبيراً، إلا لأسبابٍ متعلقةٍ باللياقة، غير أنه يقرّ بحاجته إلى امرأةٍ بديلة، بغية تولي شؤون البيت، ذلك أن العبء الأكبر يقع على عاتقها.
وتظل كل السيناريوهات والحلول مفهومةً ومقبولةً في حالة الوفاة، حيث يضطرّ الناس للتكيّف مع واقعٍ فرض عليهم عنوة. ولكن، في حالة الطلاق، يختلف الأمر، إذ ليس بمقدور أحد الأطراف ادّعاء البراءة كلياً. هناك مسؤولية إنسانية وأخلاقية ينبغي أن يتحملها الزوجان بالمقدار نفسه، وكذلك التحلي بالشجاعة والرغبة المخلصة في محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، رأفةً بالأطفال، ولو استدعى ذلك تدخل ذوي الاختصاص والخبرة العارفين بمفاتيح العلاقات الإنسانية، وكيفية إدارتها ممن قد يرشدونهم إلى حبل نجاةٍ يؤدي إلى سكينة أرواحهم، ويقيهم من شر الستات البغيض.

نيسان ـ نشر في 2016-10-10 الساعة 10:41


رأي: بسمة النسور

الكلمات الأكثر بحثاً