العسكر.. قلاع الكرك مزنّرة بالبارود
نيسان ـ نشر في 2016-12-19 الساعة 20:35
كتب إبراهيم قبيلات..حين تصبح الدولة في مواجهة مع الإرهاب، يتصدّى رجال العسكر بصدورهم وأرواجهم عشقاً للموت، وذوداً عن أرضهم، فينظم المدني والعسكري خيطا وطنياً، ينسجون به قصة وطن يرفض الإنحناء، حينها فقط ستجد نفسك في صف رجال الكرك؛ فتخفض صوتك وتتأمل المكان وروحه.
المقدم سائد محمود المعايطة، والعريف محمد ابراهيم سلامة البنوي، والعريف شافي سلامة فنخور الشرفات، والوكيل يزن هاني محمد صعنون، والوكيل صهيب جمال عبدالكريم السواعير، والرقيب علاء موسى محمود نعيمات، والشرطي حاكم سالم عبدالحميد الحراسيس، والمواطنان؛ ابراهيم مدالله البشابشة، وضياء علي الشمايلة أدركوا أنهم بمواجهة مفتوحة مع الأرهاب فقرروا أن يكونوا رياحين كركية بامتياز.
هؤلاء هم أصل الحكايا وجوهرها، هؤلاء هم دمنا الأخضر وعمقنا الثابت.
دعونا ندخل في قلب المشهد وثناياه، فحين تكون في حضرة الشهداء، فأنت فقير، ولا تملك شيئا يوازي عطاءهم ودماءهم. هؤلاء الذين تسربلوا الفوتيك، وعلى عجالة انتهوا من تزيين وجوههم الوضاءة صباحاً، وكأنهم على موعد مع الحبيبة. من كان يدري أن زملاء لهم سيتكفلون بخلع أحذيتهم بعد أن يكونوا انتهوا من تطهير الكرك؟.
نعم، هم قلاع وطنية تحصّنت بالرجولة، ألم تر أنهم واجهوا رصاص الجبناء بصدورهم؟ ثم أقسموا على أن تبقى الكرك وادعة، وطفلة مدللة، ولا تسلًم اذا سلّمت القرايا فخشم العقاب'عيّت' إلّا أن تواصل شموخها وعنادها في آن، فكان لها مرادها.
ليس مهما عندهم عدد الطلقات التي ستطلق اليوم احتفاء بشهادتهم، المهم بالنسبة إليهم ان طلقاتهم استقرت بوجدان العدو، والمهم أيضاً أن أبناءهم ووذويهم سيروون الحكايا، مشفوعة بفخر أنهم عاشوا رجالا وودعونا أبطالاً.
جوهر القضايا بالنسبة إليهم هو الأردن وأمنه.
ظهيرة يوم من كان الأول كانت الكرك في حضرة رجال يعرفون جيداً كيف أن لا أحد يهدّئ من روع الكركيات إلا العسكر ورجال الهية، فكانوا مستعدين بقلوب لا تعرف الخوف، لكن للقدر لغة لا تحتمل التأخير، فغادروا ثكناتهم وأسلحتهم ومضوا بهدوء، لتبقى القلعة تتختل في حمايتها تاريخ وحضارة لا تليق بغير الكرك.