ترامب غيت على الطريق
أسعد العزوني
كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية
نيسان ـ نشر في 2017-03-06
تلوح في الأفق القريب ملامح ومظاهر فضيحة جديدة ستعصف بالبيت الأبيض الذي يتربع فيه المستثمر /شريك العرب والمسلمين الإقتصادي الذي إنقلب عليهم دونالد ترامب ،وستطيح به كما جرى مع غيره من الرؤساء الأمريكيين السابقين ،وأقصد الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون صاحب 'ووتر غيت ' الذي أجبر على تقديم إستقالته في الثامن من شهر آب عام 1974 ،وجرى تقديمه للمحاكمة.
لا داعي لذكر تفاصيل 'ووتر غيت ' التي اطاحت بالرئيس نيكسون ،ولكن لا بأس من التركيز على محورها الأساسي وهو أن هناك من نصح الرئيس نيكسون بنفي علاقته بالقضية ،لكنهم أدانوه شخصيا بتهم ممنهجة.
تعد 'ووتر غيت ' أم الفضائح السياسية الأمريكية ،وقد بدأ أوارها بالإشتعال بعد فوز الرئيس نيكسون لولاية ثانية ، وفاز على الديمقراطي هيبرت همفري في 17 حزيران عام 1972 ،بإعتقال العديد من الأشخاص بتهمة وضع أجهزة تنصت سرية في مكاتب الحزب الديمقراطي داخل مبنى ووتر جيت بواشنطن،وتسجيل 65 مكالمة لأعضاء الحزب.
بعد ذلك جرت إدانة خمسة منهم بتهمة الإنتماء للسي آي إيه،وتطورت التحقيقات لتكشف خفايا أخرى مهمة ،خاصة بعد أن أرسل أحد المتهمين وهو جيمس مكورد ،رسالة لقاضي المحكمة يعلمه فيها ان هناك جهات أخرى كبيرة متورطة في القضية ،ليشمل التحقيق بعد ذلك طاقم البيت الأبيض.
إضطر الرئيس نيكسون في 30 نيسان 1973 إلى إقالة إثنين من كبار مستشاريه لعلاقتهما بالقضية ،وتمت الجلسات علنية في 17 أيار من نفس العام ، ما ادى إلى تدهور شعبية نيكسون.
بناء على نصيحة البعض أصر نيكسون على رفض أي صلة له بالعملية ورفض تسليم الأشرطة للجنة التحقيق ،بل تم حذف أجزاء منها وقيل ان ذلك بالخطأ ،وإتهمت السي آي إيه بعرقلة التحقيق بحجة ان المحذوفات تمس الأمن القومي ،لكنهم كشفوا محتواها لاحقا في 30 حزيران عام 1974.
بعد ذلك أقرت المحكمة الدستورية العليا عدم دستورية إستخدام الرئيس لسلطته التنفيذية بحجب أجزاء من الأشرطة وادين بثلاث تهم رئيسية هي :إستغلال النفوذ وعرقلة مسار القضاء وعدم الإنصياع له،إضافة إلى الكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي ،وإعتبره القضاء مشاركا في القضية ،وبدأ الكونغرس مناقشات عزله من منصبه قبل إستقالته،وعندها أعرب نيكسون عن أسفه ،وقدم إستقالته في الثامن من آب عام 1974،وحوكمفي أيلول من نفس العام قبل أن يصدر خلفه الرئيس جيرالد فورد عفوا صحيا عنه .
حسب نظرية القياس والتطبيق ،فإننا نعيش هذه الأيام نفس الأجواء التي تظلل البيت الأبيض، مع الإختلاف في تسمية الأشخاص وقراءة العناوين ،والفضيحة المنتظرة هي 'ترامب غيت' التي تتعلق بإتصالات ترامب وعلاقاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ،وقيام الأخير بالإيعاز لخبرائه الإليكترونيين بقرصنة أصوات الديمقراطيين وتحويلها لصناديق ترامب.
وهذا يعني أن الرئيس ترامب يسير على نفس النهج النيكسوني ،وخاصة في مجال إستغلاله وضغطه على المخابرات للتهوين من شأن إتصالاته مع الرئيس بوتين والتقليل من أهميتها وآثارها على الأمن القومي الأمريكي وكذلك دحض الروايات المتعلقة بتلك العلاقة وبا قيل عن القرصنة الإنتخابية.
لا يشعر الرئيس ترامب لعنجهيته وعدم حنكته السياسية، أنه في كل يوم يوسع منتدى أعدائه ليس في الشارع وفي داخل امريكا فحسب ،بل في الدوائر الأمريكية المهمة مثل القضاء والإعلام ،ناهيك عن شنه حربا على الجميع وتهديده اليابان والسعودية بدفع ثمن حماية امريكا لهما.
مؤخرا طفت على السطح فضيحة ترامبية اخرى تمثلت بإعتراف وزارة العدل أن الوزير سيشنز إلتقى السفير الروسي في واشنطن مرتين إبان فترة الإنتخابات ،وأن لجنة الإستخبارات في مجلس النواب الأمريكي ستجري تحقيقا بالأمر ،وهناك مطالبات بإستقالة الوزير
لاحقا وفيوقت قريب جدا وخاصة بعد مظاهرة 'الأقفية العارية' التي نظمت مؤخرا ضد ترامب وكتب عليها :إرحل، سيتم تلبس ترامب بالكذب في هذا الموضوع ،وسيتم إظهار أشرطة مسجلة للمكالمات والجلسات المشتركة،وسينتفض القضاء مجددا ضد ترامب ومعه الإعلام الأمريكي المجروح بسيف ترامب ،ولو كان الرئيس ترامب مدركا لأفعاله لما تجرأ على إهانة القضاء والإعلام ،لأن عاقلا على مر التاريخ لم يقم بمعاداة الإعلام والقضاء.