زيارة الملك لواشنطن ...العرب يتحدثون بلسان واحد
أسعد العزوني
كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية
نيسان ـ نشر في 2017-04-01 الساعة 11:28
يكمن سر التميز والتفرد بالقوة بين الأمم بالموقف الموحد الذي يتحدث به لسان واحدة،وأن يكون مدفوعا بالمصلحة الوطنية للدولة وليس الذاتية للشخص أي شخص كان ،لأن دفع المصلحة الوطنية أقوى وأشد تأثيرا من دفع المصلحة الذاتية ،ولنا في أمريكا وروسيا وتركيا وإيران خير مثال.
جاءت خسارات العرب المتراكمة منذ العام 1916 ،ليس لضعفهم وفقرهم وسوء تقديرهم ،بل لتجزئتهم وتقسيمهم إلى 22 كيانا فاشلا بطبيعة الحال، وتبع ذلك أن يتحدث نيابة عنهم 22 لسانا ،مدفوعة بالمصالح الذاتية وبعيدة كل البعد عن المصالح الوطنية،كما أن لها 22 وزير خارجية ،جميعهم ومن سبقهم يعملون لمصلحة الآخر وهو ليس الشعب في بلده.
قال تعالى في محكم كتابه العزيز'وإن إستأجرت فإستأجر القوي الأمين'،وأنا أضيف خارج النص ومن يكسب ود وإحترام الآخر وأن يستمع له ويتعاطف معه ،ولا شك أن كافة هذه المواصفت تنطبق على جلالة الملك عبد الله الثاني تماما.
أفضل ما خرجت به قمة البحر الميت العربية هو ترؤس جلالة الملك عبد الله الثاني للقمة لسنة كاملة ،وسنشهد حراكا ملكيا واسعا ونوعيا ،وخاصة في هذه المرحلة الترامبية المجنونة ، ويقيني أن جلالته سيتمكن من 'فرملة'الأمور قدر الإمكان ،لأنه صاحب حضور في واشنطن لدى الإدارات الأمريكية ومراكز صنع القرار فيها ،وجامعاتها وحتى لدى مراكز الضغط اليهودي في واشنطن ،وعليه فإننا سنشهد في الأيام القليلة المقبلة حملة قذرة منظمة من الهجوم على جلالته ،تشنها عصابة النتن ياهو ، حقدا وغنتقاما لما يتوقعونه من تأثير إيجابي سيحدثه الملك على الرئيس المريكي ترامب ،خاصة وأنه إلتقى به مؤخرا وحذر وزراءه أنه يخاف من ترامب الذي لا يثبت على موقف وعليهم عدم القيام بما يغضب سيد البيت الأبيض.
عندما يزور جلالته واشنطن ،لا يذهب للسياحة والإستجمام ،ولا يغادر الوطن كيفما إتفق،بل يضبط مفكرته بمواعيد إجتماعات ومحاضرات ونقاش مثمرة،وهذا ما يثير حقيظة المستدمر الإسرائيلي النتن ياهو الذي ظن أنه الوحيد القادر على جذب الإهتمام بأكاذيبه ،دون أن يعلم أن حضور جلالة الملك في واشنطن على وجه الخصوص مخضب بالصدق والتحضر وإحترام الذات والآخر.
يلتقي جلالته قبل لقائه بالرئيس مع صناع قرار في واشنطن ،وكذلك مع قيادات يهودية مؤيدة لمستدمرة إسرائيل ،ويلقي محاضرات في إحدى الجامعات العريقة ويحظى بأكبر نسبة إستماع وإنتباه وتحليل لما يقول حتى بعد إنتهاء الفعالية أيا كان إسمها او مكانها ،كما أن لقاءه بالرئيس يكون مميزا لكن واقع العرب لا يجبر أحدا على الوقوف معهم.
الزيارة المقبلة لجلالته إلى العاصمة الأمريكية هذه المرة ستكون بنكهة مختلفة ،فجلالته هذه المرة لن يلتقي الرئيس بصفته ملكا للأردن فقط ،بل رئيسا للقمة العربية يتحدث بموقف واحد وبلسان واحد ،وباللغة الإنجليزية المفهومة للمضيف،وسنلمس تغييرا كبيرا في خطاب الرئيس الأمريكي وخاصة في ما يتعلق بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس وبخصوص المستدمرات وبالموقف من مستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية بشكل عام رغم ما قيل في مؤتمر الإيباك الأخير عن العلاقة الأمريكية – الإسرائيلية ،ويقيني لو أن العرب تعاملوا مع واشنطن من منظور المصالح لما رأينا هذا التورط المريكي مع مستدمرة إسرائيل إلى هذه الدرجة.
ليس المهم أن يكون الحديث باللغة الإنجليزية ،رغم اهمية ذلك لأن التواصل يكون مباشرة وبدون مترجم ربما يكون موجها ،ولكن الأهم هو أن جلالته يستطيع إرسال الرسائل للمضيف بطريقته وفهمه لطريقة تفكير الغرب ،وكذلك فإنه يستقبل رسائل المضيف ويحللها ويرد عليها حسب ما لديه من مخزون معرفي في مثل هذه الأمور والمواقف،وبالتالي فإنه يدخل على مضيفه وهو يعرف جيدا ماذا يريد أن يقول له ،ومن ثم يخرج من عنده وهو يعلم جيدا ماذا سمع منه ،وهذه ميزة بحد ذاتها.