اتصل بنا
 

ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا وطلبَ يدَ إيفانكا

كاتب سوري

نيسان ـ نشر في 2017-06-08 الساعة 14:54

عمرو خالد: الداعية الذي نأى بنفسه عن الجدل ويدعو للتسامح والحذر من اختيار المصلحة على حساب الشريعة
نيسان ـ

تعالوا نبحث عن بطل، عن عَمْرو قال لزيدٍ الذي صفعهُ صفعةً مثل ترك الحبيبة في ليلة الدخلة: ثكلتكَ أمك يا بن المثالية.
يذكرون أنّ الوزير التركي، داود باشا، أحبَّ أن يتعلم النحو، فجاء إليه النحاة تترى، كلما جاءه أحدهم، وقال: ضربَ زيدٌ عمْراً؛ سأله الوزير داود باشا: لماذا ضربه؟ فيقول النحوي المسكين الذي يفاجأ بالسؤال: يا مولاي، هذا مثال وليس حقيقة. فيقول داود باشا: يعني كذب. ثم يأمر بحبسه بعد تأديبه، حتى امتلأ الحبس بالمنتمين إلى منظمة 'زيدٌ وعمرو' النحوية، ومن لفَّ لفّهم، وضرب ضربهم، من الإخوان المسلمين والإخوان الليبراليين.. إلى يوم الدين. ثم جاءه رجلٌ، فتح الله عليه، فلما سأله الوزير داود باشا: لماذا ضرب زيدٌ عَمْراً؟
قال: يا مولانا إنّ عمراً يستحق الضرب، بل القتل. قال الوزير: لمَ؟ قال: لأنه اعتدى على واو مولانا الوزير، فسرقها من اسمه داود، ودسّها إلى اسمه عمرو. فسُرّ الوزير، واستبشر، وأطلق له صحبه.
عمرو خالد لم يضربه أحد، لا يزال قوياً، وإن انخفض رهطُه ومتابعوه. لقد نأى بنفسه، ووقف تحت سقف الوطن، وله برنامج ديني اسمه 'نبي الرحمة والتسامح'. وفي الحلقة الثامنة، سأل: لماذا رفضت قريش دعوة النبي، الخير أم المصلحة؟ يقول للمشاهد: احذر أن تختار مصلحتك على مصلحة الناس والبلد؟ الله؟ هذا خطابٌ شائع في التلفزيونات العربية يا 'أبيه'؟ أين العقيدة يا مولانا؟ ظاهر المصلحة يتعارض مع شريعة الله كثيراً. ومن يحدّد المصلحة؟ الشؤون المعنوية أم العلماء؟
سأل النابلسي الشعراوي يوماً عن نصيحةٍ ينصح بها الداعية، وتوقع خطبةً، فلم يزد عن جملة واحدة، هي أصلٌ في الدعوة: 'ليحذر الداعية أن يراه المدعو على خلاف ما يدعو إليه'.
ويروي الصديق وائل قنديل في 'أوراق' أنه كان مأخوذاً بتيار اليسار في الثمانينيات، ويهوى صلاح عيسى، ولطفي الخولي، وعبد الرحمن الأبنودي.. ويستغرب اعتناقهم دين الدكتاتورية، فصلاح عيسى ذهب مع الريح، ولطفي الخولي مع كوبنهاغن والتطبيع، وعبد الرحمن الأبنودي تَوَلَّىٰ كِبرَهُ وغوى، يسأله المذيع عن تفسير، فيقرُّ بعجزه، ويستغرب من شاعرٍ مثله أن ينتهي تلك النهاية.
والجواب سهل جداً، وهو الإيمان بالله، أما الضمير فهو 'ستريش'، يزيد وينقص حسب جسم المصلحة.
وقد سُئل سلمان العودة عن مسلسل 'غرابيب سود' الذي أسخط الأمة كلها، وأخزاها، وجلّلها العار، وأبهجَ أعداءها، فاعتذر بأنّه في رمضان، ولا يتابع مسلسلاتٍ، ونجا من جوابٍ قد يودي به إلى التهلكة. المنجيات الأربع معروفة في سورة العصر: الإيمان، وعمل الصالحات، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، والدعاة يهربون هذه الأيام من قول الحق، ويؤثرون المصلحة. وكان موسى العمر قد اتصل بدعاة وعلماء كبار في المملكة العربية السعودية، يطلب منهم النجدة، والتنديد بهذا المسلسل الذي جعل من فرية جهاد النكاح الإيرانية مسلسلا يشتم الحرائر، على تلفزيونات عربية سنيّة المولد، فاعتذروا، واعتكفوا بالصمت.
وكان الأمراء في عصور سابقة يحبّون الطرفة، وتكتظُ الموسوعات العربية في النوادر والأخبار، بمحكومين بالقتل نجوا بكلمة، أو طرفة، أو بلاغةٍ نثريةٍ أو شعرية أمام الجلاد، لكني لم أسمع بمحكوم معاصر، نجا من الموت سوى مراتٍ قليلةٍ واحدة منها رواها زغلول النجار، في قصة خروجه من مصر، وخرج بكرامةٍ من كرامات الله. والثانية من أحمد المرزوقي روى، في شهادته على العصر، أنّ زميلا، موقوفا بتهمة الانقلاب على الملك في المغرب، رفض توكيل دفاع، وقال للقاضي: المحامي هو الله، وكان المتهم الوحيد الذي ضاع ملفه، فنجا.
إن عَمْراً يُضرب، وربما مات تحت التعذيب، وزيدٌ أيضا يُضرب، وهند وأسماء ورابعة.. وكان عَمْرو قد فتح مصر فأغلقها عبد الفتاح قلب الثعلب، وهو يضرب زيداً وعَمراً وليبيا واليمن.. وسورية أيضا، وقتل أسماء.
ملاحظة: إيفانكا متزوجة، ومع ذلك أخذت المهر، وعادت إلى قصرها المرصود، يا ولدي.

نيسان ـ نشر في 2017-06-08 الساعة 14:54


رأي: أحمد عمر كاتب سوري

الكلمات الأكثر بحثاً