اتصل بنا
 

حديث المؤامرة .. نحن لسنا مركز الكون

نيسان ـ نشر في 2015-06-11 الساعة 18:11

x
نيسان ـ

بقلم محمد قبيلات

يحلو للبعض إرجاع ما يجري لمؤامرة تُحاك أو حيكت ضد الأمة، وفي هذا هروب واضح من تفسير الأحداث والمعالجات، وقصور في التحليل الموضوعي والنقد الذاتي، فيصبح من الأسهل رمي المسؤولية على مسببات "ما ورائية" غالبا ما تكون غامضة.

وأكثر ما تظهر هذه القصة على شكل خرائط ومخططات قديمة جُهزت لتتحقق في وقتنا الحاضر، وضدنا وحدنا - على الأغلب - لما نتمتع به من قوة وتميز! ناهيك عن أهمية موقعنا الجغرافي، ونتناسى أن كل بلد في العالم يستطيع أن يعتقد اهلها أنهم مركز العالم، وربما يعود ذلك لكروية الأرض، فأينَّ تذهب تستطيع أن تقول: كل العالم حولي. لكن ماذا يعني ذلك وما هي أهميته؟!

فمن حيث الموارد والطرق والاستهلاك، لدى كل الشعوب موارد، ومعظم دول العالم تمتلك ممرات وطرق دولية مهمة تحتاجها دول أخرى، وكل دول العالم بحاجة لأن تستهلك مما ينتجه غيرها، فلم يعد الإكتفاء الذاتي ممكنا أو ميزة مهمة، فأين الفرادة والتميز؟ وأين الإستهداف للآخرين؟

نعم هناك استهداف للدول في حال حصل خلل أو ضعف ما، فالطبيعة لا تحب الفراغ، وهناك نوع من شريعة الغاب تمارس بين الدول فيأكل كبيرها صغيرها، لكن اذا كانت المنظومة السياسية والاجتماعية مستقرة وتتوفر الشرعية القوية سواء للنظام أو للدولة، وينسجم ذلك مع شبكة المصالح والتحالفات الدولية، فإنه يصعب حينها أن يستطيع أحد أن يعتدي أو يستهدف مثل هذا الكيان القوي.

غالبا ما يستند البعض في تحليلاتهم هذه الأيام في تفسيره ما يجري في وطننا العربي المطعون بوحدته واستقراره، بوثائق وخرائط وكتب ومقالات كتبت سابقا، على الأغلب من قبل أطراف معادية للأمة العربية، وأنها تحققت أو جاء الوقت لتحقيقها، وينسى هؤلاء، أننا كعرب لم يستقر لنا حال منذ الأزل، ولم نبنِ لغاية هذه اللحظة الدولة التي تحقق مصالحنا القومية.

وربما يصدق قول القائل أننا ما زلنا نجلس في سقيفة بني ساعدة، نتنازع ونتخاصم دائما حول الأحقية بتركة ما، فلم نطوّر علما أو فلسفة أو منطق أو تجارة أو دولة، وكنا دائما نعود الى نقطة الصفر، مع أنه كان قد أُنشئ في بلادنا أقدم الدول والجامعات والمكتبات والمستشفيات والحضارة عموما، وحسب أمين المعلوف في كتابه الحروب الصليبية، كان لدينا قبل ألف عام مصارف في بغداد تقدم خدمة الحوالات النقدية للتجارة مع الصين والهند، فلماذا لم تراكم أمتنا الثروات والخبرات طوال هذه القرون، بل على العكس، كانت على الدوام مطمعا للنهب من قبل الغير؟.

أقوى دول العالم الآن، ليست هي الدول التي تستند للأمجاد والسرديات التاريخية، بل هي الدول المنتجة والمستقرة داخليا، والتي تتحقق بها العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وينظمها عقد اجتماعي عادل، وتبني سياستها الخارجية وفق مصالحها القومية.

نيسان ـ نشر في 2015-06-11 الساعة 18:11

الكلمات الأكثر بحثاً