حفل العيد الوطني القطري..إستفتاء لتعزيز العلاقات الثنائية
أسعد العزوني
كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية
نيسان ـ نشر في 2017-12-19 الساعة 10:05
أسعد العزوني
كشف الإحتفال بالعيد الوطني والإنتصار على الحصار الذي دعت إليه السفارة القطرية في العاصمة عمان ،أن تلك المناسبة ليست قطرية فقط،بل هي أردنية أيضا ،بدليل حجم المشاركة الأردنية التي ضمت كافة طبقات الشعب الأردني ،ومن كافة الأصور والمنابت .
ربما يقول البعض مخطئا أن سفارة دولة قطر قد أفرطت في توجيه الدعوات ووزعت الكثير من بطاقات الدعوة ،لكن هذا التبرير رغم ما يسنده من منطق وقوة في الحجة ،إلا أنه من السهل نقضه بالمنطق والحجة أيضا ،فطبيعة الحضور ومستوياتهم وتنوعهم ،يدل على أن الدعوات التي قدمتها السفارة القطرية كانت منتقاة جدا ،ولم تكن عشوائية ، وهي تنطبق بالمعايير المتعارف عليها دبلوماسيا ،إذ أنهم كافة يسهل التعرف عليهم ..من هم وأين يعملون.
ومن ضمن الرد على إدعاء الإفراط في توجيه الدعوات وتوزيع البطاقات ،أنني شخصيا أتسلم شهريا عددا كبيرا من الدعوات التي تتضمن عشاءات فاخرة ،لكنني أنتقي ما يروق لي فكريا ونفسيا ،بمعنى أنني لا ألبي كافة الدعوات رغم حرج الموقف أحيانا ،وهذا يعني أنه حتى لو أفرطت السفارة القطرية في توجيه الدعوات وتوزيع البطاقات ،فإن غير الراغبين في تلبية الدعوة ،ومن يتخذون موقفا لا يتماشى مع الموقف القطري ،سيمتنعون عن تلبية الدعوة ،ولن يحاسبهم أحد.
المراقب للمساحة الجغرافية التي أقيم فيها الإحتفال وللمداخل التي تؤدي للفندق، ومن حضر الإحتفال أيضا يخرج بنتيجة واحدة وهي أن حضور دولة قطر الشقيقة المحاصرة من قبل بعض الأشقاء في الأردن كبير وكبير ،وبالتالي فإن الحركة الدؤوبةخارج المكان وفي الطريق المؤدية إلى الفندق ،والإزدحام الشديد الذي شهدته القاعة ،دليل أكيد على مكانة قطر في وجدان الشعب الأردني،ومن حجز له مكانا في الوجدان ،فإن كافة الأمكنة ستمنحه حق الإقامة مع الترحيب مجانا وبدون كفيل أو رسوم تأشيرة.
ما جرى مساء الأحد الماضي عامل مساعد حاسم في الموقف الرسمي الأردني تجاه الشقيقة قطر، وضرورة تعزيز العلاقات معها والإنتقال بهذه العلاقات إلى مرحلة التنسيق المشترك ومغادرة مربع الضغوط التي تعرض لها الأردن من أجل قطع علاقاته مع قطر كما فعل المحاصرون ،فالأردن هو عامل تجميع وليس عامل تفريق ،وآن الأوان ان نعمل وفق مصالحنا ، لا حسب مصالح الآخرين وتحت ضغوطهم ،أو من منطلق المجاملة لنخرج بعد المولد بدون الحصول ولو على حبة حمص واحدة كما يقول المثل.
تبين للقاصي قبل الداني أن الآخر الذي كنا مرتهنين له ولمواقفه ونفرط في مجاملته وإرضائه ،قد باعنا ببلاش ومباشرة لأعدائنا ،وصنّف ما قام به بأنه عمل مقصود وعن سابق إصرار وترصد، لشطب القضية الفلسطينية أولا وبيع القدس مجددا وشطب الأردن الرسمي ،وسرقة الولاية والوصاية الهاشمية منه على المقدسات العربية في القدس ،لتؤول إليه في عملية غير أخلاقية ترقى إلى مرتية الخيانة العظمى،وزاد الطين بلة بتحالفه مع الأعداء وحصاره المالي للأردن ،وكأن لعبة الحصار قد راقت له بعد ان حاصر الشقيقة قطر في شهر رمضان المبارك شهر الخير والرحمة والتعاطف.
عفا الله عما سلف وأمعاء البطن تشهد تصارعا كما تقول الجدات ،ونحن كعرب جبلنا على الخلافات ،ومع ذلك آن الأوان لطي صفحة الماضي بين الأردن ودولة قطر ،بعد الإستهداف الذي يتعرضان له من قبل عدو واحد،ويستطيع الطرفان إعادة الحسابات والجلوس معا على طاولة مستديرة لصياغة علاقات جديدة قائمة على المصالح المشتركة والإحترام المتبادل ،من أجل الشعبين الشقيقية ،ومعهما بطبيعة الحال دولة الكويت وسلطنة عمان حتى لا يقال أن الأردن يهدف إلى شق وحدة الصف الخليجي.
لم تشهد العلاقات الأردنية –القطرية حروبا ولا نزاعات مسلحة سالت فيها دماء زكية ،كما حصل بين الدول الأوروبية التي تجاوزت واقعها الأليم وأسست إتحادا قائما على المصالح المشتركة ،ونحن في الأردن وقطر أحوج ما يكون إلى مراجعة نقدية شاملة نحكم فيها العقل والمصالح ...فمن يعلق الجرس ؟ولعل قرارا أردنيا يدعو السفير القطري الشاب السيد بندر العطية بالعودة إلى مقر عمله في عمّان يكون بادرة أردنية خيّرة ..تفتح الباب لمبادرات قطرية فيها الخير كل الخير للأردن المحاصر ماليا من قبل الأشقاء.
نيسان ـ نشر في 2017-12-19 الساعة 10:05
رأي: أسعد العزوني كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية