اتصل بنا
 

شهرزاد العصر تصرخ وامعتصماه: الرحلة الطويلة والشائكة لتحرر المرأة العربية

كاتبة وصحافية مقيمة في لندن

نيسان ـ نشر في 2017-12-26 الساعة 11:14

نيسان ـ

هل يمكن أن تبلغ المرأة العربية ما بلغته المرأة الأوروبية من حقوقٍ وامتيازاتٍ وحرياتٍ ولا أقول حرية واحدة. هل يمكن أن تظهر لنا فتياتٍ مثل ساندي بل، صحفياتٍ مغامراتٍ خيالياتٍ أو من أمثال جيمس بوند مخاطراتٍ عربيّاتٍ أو شارلي إيبدو نساء عربيّاتٍ بألسنة حادة ولاسعة. أو مثل الشخصيات الصعبة والمعقدة التي أكتب عنها والتي تصف أعماق المرأة العربية ورغبتها المتأصلة في التحرر من الجهل والإستعمار الفكري وتحلم بديمقراطية حقيقية ورحلة خلاص حقيقية للشعوب وبخاصة شعبها العربي وإنهاء الصراع الديني وبناء أنظمة علمانية ديمقراطية لا تلغي الدين وإنما تضعه في مكانه المناسب، وهو بلا شك حرية شخصية، تضمنه للأفراد الديمقراطية وهو حق الإنسان الطبيعي والغريزي في الإيمان.

وَمِمَّا لا شك فيه أيضًا، فإن هذه المرأة العظيمة التي أكتب عنها وأحلم بها هي من أمثال مارتن لوثر كنج، غاندي، محمد علي كلاي، أوبرا وينفري، سبايك لي العرب، كما أحب أن أطلق عليها ونيلسون مانديلا الذي قال بعد حياة سبعة وعشرين سنة في السجن: 'إنه طريق طويل جدًا للحرية'. وهو فعلاً فعلاً كذلك. هل يمكن أن ينتج العالم العربي إمرأة عربية بعظمة مارغريت تاتشر، تملك الجرأة لغربلة الكيان العربي وتعيد بناء هيكلة البنى القديمة والمتآكلة للمجتمعات العربية برمتها؟ هذا سؤال يطرح نفسه.

والعلاقة بين الديانات السماوية أو الإبراهيمية الثلاثة يجب أن تتغير، لأنها تؤثر كثيرًا على رحلة التحرر الحقيقية للمرأة العربية. وعلى الجميع، أي اليهودية والمسيحية والإسلام، حمل الراية البيضاء ووقف هذه الحرب المقدسة المستنزفة. ولا يحق لأحد إلغاء أحد. ففي المحصلة النهائية، وفي الحقيقة المرة والأليمة، فإنهم ديانة واحدة، دين جاء من رحم الثاني. وهو مبني على الأساطير الميثولوجية والقصص المقدسة ذاتها ويحملون رسالة موحدة هي الإيمان بالله. وثأرهم التاريخي الإنتقام من بعضهم البعض من أجل الله والجنة والنار وفرض حكم الله وشريعته على الأرض، كل بحسب نبيه ورسوله الذي حمل الرسالة المقدسة من الله للبشر. أو هذه هي الحجة وينافقون ويقولون أنهم أخوة وأنهم أبناء آدم وحواء ويعيدون لنا قصة هاييل وقابيل، لكنهم لا يتعلمون منها. وسيظل الذئب ينهش في يوسف طالما ظلوا إخوانه يتآمرون عليه ولا يحبون لإخوانهم ما يحبونه لأنفسهم، وعليهم أن يقفوا بعضهم جانب بعض كالبنيان المرصوص. ولنعلم أن السلطات الأوروبية، وربما بتواطؤ مع الصهيونية تحاصر وتلاحق شبابنا أحيانًا لعقودٍ من الزمن لا لذنبٍ اقترفوه، أو جرمٍ ارتكبوه إنما لتبقيهم صاغرين وأن بعض السياسات الأوروبية، تدفع بأبناء العرب إلى التطرّف وربما حتى إلى الإرهاب بحد ذاته .

أما البعض الآخر، فيريدون أن يضعوا مسيحًا جديدًا على الصليب، في حين أن المرأة العربية تريد أن تكون أمًا مسلمة لمسيحٍ جديد تبث السلام والحب والأخوة بين أصحاب الديانات السماوية. وهناك من الفلسطينيين المسيحيين من يستنجد بإزالة المسيح الفلسطيني من على الصليب الدامي ويطالبوا إخوانهم المسيحيين بتحريرهم من أبناء صهيون، الذين يقولون أنهم شعب الله المختار وقد أقاموا أرضهم غصبًا على أرض فلسطين مزيفين التاريخ، زاعمين أنها أرض الميعاد. فهل سيرسلون أم مسيحٍ مسلمة مستنيرة أم مسيحًا محررًا أم صليبيًا مستعمرًا؟ الأمر كله قد يعود لكم إذا ما أردتم وصممتم. أما الإسلام، فمشغولٍ بالحرب مع نفسه؛ شيعة مع سنة وسنة مع متطرفين. وإرهابيين مع داعشيين. المهم أنه إذا استمر المسلمون في هذا الإنتحار، في عملية التدمير الذاتي هذه، فإنه على الأغلب سيدمر نفسه بنفسه. بالطبع المسلمون يؤمنون بقوله تعالى: 'إنَّا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون'. لكن أمة الإسلام على الأغلب أنها ستباد في حروب أقسى وأعنف مما شهدناها، حروب إبادة جماعية شرسة. علينا أن نحاول جميعنا وقفها.

هذه لم تعد أديان سماوية، بل كتب وقواميس حروب مقدسة تريد أن تجلب علينا يوم القيامة. وعلى الديانات السماوية جميعها أن تعتمد مبدأ لا إكراه في الدين وحرية الإعتناق الديني والسياسي والثقافي المتنوع. وعلى البشر، كل البشر مهمة إيقاف الدين عند حده. وأن تعيش الأديان كلها في الزمن المعاصر، ولا ترجع إلى ما قبل ألف

نيسان ـ نشر في 2017-12-26 الساعة 11:14


رأي: سندس القيسي كاتبة وصحافية مقيمة في لندن

الكلمات الأكثر بحثاً