شاشة عرض و رطل كلام !
ماجد شاهين
أديب أردني
نيسان ـ نشر في 2018-01-21 الساعة 14:58
ماذا لو صار الكلام يُباع ُ بــ ِ ( الحفنة ) أو بــ ِ ( الشوال ) أو بــ ِ
( الكيلو غرام والرطل ) ؟
كأن تذهب إلى دكان صغيرة وتطلب من صاحبها أن يبيعك نصف شوال من الكلام أو خمس كيلوغرامات من الحكي ، فيقول لك البائع : تعال غدا ً ، البضاعة الآن نفدت !
وحين تؤشّر إلى ( أكياس الكلام ) المكدسة عنده ، يقول لك : البضاعة ( الكلام ) مبيعة أو مبيوعة أو محجوزة لإحدى الحفلات أو لأحد المؤتمرات .
..
هكذا ، يمكن أن يحدث :
رطل الكلام ، بلا هوامش أو تعليقات أو تحليلات المعلّقبن ، يُباع في الأسواق بـــ ِ ( بيضة دجاجة بلديّة ) أو بـــ ِ ( صحن شوربة عدس ) .
رطل الكلام ، مع تصويبات لغويّة ، يُباع بـــ ِ خمسين قرشاً أو بربطة خبز و ضمّتي بقدونس .
رطل الكلام ، مع تعليقات مُضافة و صور لعدد من الإعلاميّين و أهل الفكر واللغة ، يُباع بـــ ِ ( بكسة / صندوق ) بطاطا قبل ارتفاع أسعارها .
رطل الكلام ، من ذاك الذي ينفع في الحروب والفتن والانقسامات ، يُباع بالعملة الصعبة و لا يوجد سوى في
( المجمّعات التجارية الكبرى ) في العواصم أو في المطارات .
..
قبل النوم ، و حين يأخذ الباعة والتجّار في الاستعداد لغلق محالّهم ومتاجرهم أو لتصفية دفاتر يوميّاتهم ، يسعون إلى التخلّص من بضاعة الكلام بأقلّ الخسائر ، استعدادا ً لعرض وتقديم بضاعة كلاميّة طازجة في اليوم التالي ، ولذلك يحرصون على بيع الكلام الكاسد في ساعات الليل بأي سعر وبعروض ٍ بيعيّة تغري المتسوّق و تدفعه ربّما إلى الشراء أو التفكير في الأمر .
..
تبدأ العروض و المنافسات لتقديم الكلام بأسعار تلائم ( جيب المشتري ) و ربّما تنفع عقله :
آخر ابتكارات العروض التسويقيّة يقدّمها صاحب عربة ( فول وترمس ) عند رصيف باهت ، البائع صاحب العربة ينادي ( و بعد آخر نشرة أخبار في الفضائيّات العربيّة ) : تعالوا إلى أسعار في متناول أياديكم ، الكلام عندنا بأسعار زهيدة .. وحين لا يجد من ينتبه إليه أو يشتري ، يروح إلى زاوية واضحة عند الشارع .
..
بائع العربة ، يستخدم الآن مكبّر صوت ( مثل ذلك الذي كنّا نستخدمه في الهتافات و التصفيق بلا سبب ) ، يصعد فوق عربته و ينادي في الناس :
تعالوا إلى الكلام الرخيص ، اشتروا رطلا ً من الكلام واربحوا جائزة ثمينة .. اشتروا شوالا ً من الكلام و احصلوا على كرتونة بيض وجالون كاز و ربطتي خبز مجانا ً !
كأنّه قال : تعالوا اشتروا بعشرة قروش ترمس واحصلوا بالمجّان على طنّ من الكلام و كاتب متخصّص للهتاف و عشرة أقفاص للدجاج اللاحم و شاشة عرض كبيرة للفرجة
نيسان ـ نشر في 2018-01-21 الساعة 14:58
رأي: ماجد شاهين أديب أردني