.. و تضيقُ !
ماجد شاهين
أديب أردني
نيسان ـ نشر في 2018-01-28 الساعة 10:07
( 1 )
حين يحدث ' خرق ' في بنطال أو ' مزق ' أو ' تهرؤ ' صغير .. ، يذهب صاحب البنطال إلى ' راتق ' لكي ( يرفأ / يرتق ) البنطال و يداري الخرق و يلأم جرح البنطال .
ماذا لو دهم الوجدانَ خرق أو تهرّؤ ... هل يمكن لـــ راتق أن ( يخوط / يلأم / يرتق ) خدش أو جرح الوجدان ؟
هل يجدي رتق الوجدان و هل ثمّ راتق يتقن ستر عورة الوجدان ؟
هل صـَعُبَ الأمر ؟
هل اتّـسعَ خرق الوجدان ؟
و هل ثمّ راقع ينفع ؟
( 2 )
في الصيدليّات ، يبيعون الأدوية و ربّما طلاء الأظافر و كريمات البشرة ، لكنّهم لا يبيعون ( دهونات / كريمات ) لمعالجة حكّة الضمير .
.. و أوجاع الضمائر ، لا تنفع معها حقنٌ أو ' كبسولات مضادّ حيويّ ' و لا ينفع تبديل شرايين و أوردة .
قبل سنوات طالبتُ بالبحث عن ' ضمائر كاوتشوك بديلة ' لمن يتلف ضميره !
.. للأسف : لا يمكن للعلم والطبّ أن يزرع ضميراً بديلاً !
المؤلم أننا نستطيع شراء أحذية بديلة و جوارب بديلة .. أمّا الضمائر البديلة فتلك لا أسواق لها .
( 3 )
من غَرْبـَلَ الناسَ .. نـَخـّلُوه !
الغرابيل ( مفردها غربال ) لا تنفع لكي تحجب ضوء الشمس ولا تنفع لكي تجمع الماء !
الشمس التي تشرق على الناس ، لا أحد يستطيع احتكار حيازتها / امتلاكها .
الشمس تشرق لكي تمنح الضوء للناس كلّهم ومن دون استثناء !
في كتاب الدنيا ودفترها الكبير ، نقرأ :
' مهما حاولنا الاختباء وراء الجدران لنخفي ضوء الشمس ، فإنّ الآخرين يستقبلون الشمس و يفرحون لحضورها ولا يغلقون دونها الأبواب ، وإن بدت لاهبة / حارقة ' .
... أمّا في سيرة الغربال الذي لا يحجز الماء ولا يمنع ضوء الشمس ، فالحكمة تقول :
' من غَرْبَلَ الناسَ ، نخّلوه ' ،
أي سرّبوه من شقوق وثقوب أصغر من ثقوب الغربال / ثقوب المُنخل .
( والمناخلُ ، ومفردها مُنخل ، حاضرة ولم تنقطع من الأسواق ) !
( 4 )
و تضيقُ !
ما الذي يحدثُ ؟
كنت أنتوي الحديثَ عن رقـّةِ الوردِ ، فذهبتُ لقولِ كلامٍ عن شارع يعجّ بالحمقى !
كنت أبحث عن مفردة تليق بفكرة ' العيش بلا ضغائن ' ، فوجدتني أكتب عن عابر طريق يشتم الناس للبحث عن ضجيج يشتريه .
و كنت أبحث عن ' فتيلة للسراج ' ، فوجدت حرائق عديدة في أكوام القش التي هيّأها فاعلو شرّ !
..
حاولت الآن الكتابة عن ذاكرتي ، فرأيتُ حزناً في شوارع البلاد يفيضُ !
اقتربت من قطّة جائعة ، فرأيتُ في الجوار أفعى تتربّص .
..
ما الذي يحدثُ ؟
الماء تضيقُ
والخبز يضيقُ
والنافذة تتكسّر و تضيقُ
و الهواء يفقد أكسجينه و يضيقُ !
..
والولد في الشارع يطوّح حجراً لكي يصيب أباه ، يحاول الأب أن يطلق شتيمة في وجه ابنه ، فيغصّ بصوته ويختنق !
و هكذا ، تضيقُ الأشجار على طيورها ، فتفرّ ..
و تضيقُ دون العصافير الطريقُ !
نيسان ـ نشر في 2018-01-28 الساعة 10:07
رأي: ماجد شاهين أديب أردني