عندما تهاجم نك هيلي الأمم المتحدة
أسعد العزوني
كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية
نيسان ـ نشر في 2018-02-22 الساعة 16:30
اسعد العزوني
لم تفاجئنا المندوبة الأمريكية من أصل هندي المتصهينة نيك هيلي،عندما شنّت هجوما لاذعا على الأمم المتحدة ، بعد إلقاء رئيس سلطة اوسلو محمود عباس خطابه في مجلس الأمن الذي اعلن فيه رسميا تعامل السلطة مع الإحتلال ،وهي بذلك تريد إثبات ولائها وإنتمائها مجددا للمحافظين الجدد الذين أصبح يمثلهم حاليا الطرمب ترامب ،كما أنها تريد إرضاء الصهيونية وتثبت لهم أنها تصهينت إلى درجة تفوق تصهينهم ،وهذا هو سر هجومها المتواصل على الفلسطينيين ،ودفاعها المستميت عن سياسة مستدمرة إسرائيل، لأنها تعرف تمام المعرفة ان الجائزة ستكون كبيرة لمن يبدع في صهينته من الأمريكيين ويتبنى المواقف الإسرائيلية .
تبادلت هيلي بالأمس الأدوار مع مندوب مستدمرة إسرائيل في الأمم المتحدة ،وأبدع الإثنان في الكذب والإدعاء والتزوير والتضليل، فالمندوب الإسرائيلي كان جاهزا سلفا لممارسة الكذب والتزوير والهجوم على عباس وإلصاق أقذع التهم الباطلة به ،وفي مقدمتها أنه رافض للسلام مع مستدمرة إسرائيل ،وانه يتحدث بلسانين ،وهكذا دواليك،وقد صدق القول الذي ينطبق على هذه الحالة 'رمتني بدائها وإنسلت'.،وأضحكني كثيرا عندما خاطب الحضور بأن القدس عاصمة يهود منذ عهد داوود،وكأن هذا الرجل امي لايقرأ ما كتبه خبراء الآثار لديهم وفي مقدمتهم فرانكشتاين الذي نفى رسميا وجود أي أثر يدل عليهم في القدس ،واكد في ورقة علمية محكمة أن داوود جاء إلى القدس وهي موجودة ولم يقم ببنائها كما يدعون زورا وبهتانا.
كان المندوب الإسرائيلي متماسكا جدا وهو يلقي التهم جزافا ضد عباس ،وما ساعده في ذلك ثقته بأن ما يقوله صحيح بالكامل ولكن ليس عن عباس ،وان ما قام به هو الحديث عن الصهاينة وإلصاق ذلك بعباس،فالصهاينة بشهادة التاريخ هم الرافضون للسلم والمصالحة والعيش مع الآخر ،وهم المتكبرون حتى على الله جل في علاه ،ويقولون بكل تكبر أنهم هم الذين إختاروا الله ليكون ربا لهم ،وهذه عبارة لا تليق بجلال الله وقدره ،ولكن هذه هي طبيعتهم.
يبدو أن كلمة المندوب الإسرائيلي كانت جاهزة ومعدة سلفا ،وان عملاء إسرائيل في السلطة لم يتمكنوا من نسخ كلمة عباس وإرسالها للإسرائيليين ،وإلا لما جاء هجوم المندوب الإسرائيلي بتلك الصيغة التي رأينا وتتسم بالعقلية الصهيونية ، فعباس أعلن عن تعامل سلطته مع الإحتلال ،وطالب المجتمع الدولي بعقد مؤتمر دولي لحل القضية الفلسطينية ،وهذا يعني انه جاد في التوصل إلى حل ،ويبدو أيضا أن المندوب الإسرائيلي قد سيطر عليه عمى التزوير وحاول تصوير عباس على انه كاسترو ،ونسي أو تناسى أنه زرع في الصف الفلسطيني عام 1968 لمثل هذا اليوم وهذه المهمة ،وهو صاحب مقولة 'مفيش حق عودة 'و'لن تكون هناك إنتفاضة ثالثة وانا حي'.
أما المندوبة الأمريكية المتصهينة نيك هيلي فخرجت عن المنطق وأبحرت بعيدا في قارب التزوير والتضليل ،بقولها أن الأمم المتحدة منحازة إلى الفلسطينيين ،وأن على الفلسطينيين أن يجلسوا مع الإسرائيليين للتفاوض ، ناهيك عن دفاعها المستميت عن قرار ترامب القاضي بالإعتراف بالقدس المحتلة عاصمة أبدية وموحدة لمستدمرة إسرائيل ،وهي ربما لا تدري أن المفاوضات الفلسطينية بقيادة عباس وإسرائيل قد مر عليها نحو خمسين عاما ،فهو صاحب رسالة التفاوض مع أي إسرائيلي،ورغم ذلك لم يكسب الفلسطينيون شيئا ،وعلى العكس من ذلك ،فإن المندوب الإسرائيلي هدد عباس بأن قيادة فلسطينية ستخلفه ،ستعمل على إحياء المفاوضات مع مستدمرة إسرائيل ،وكان يقصد بذلك المتصهين دحلان.
ترى ألا تعرف المتصهينة هيلي أن الأمم المتحدة التي تهاجمها هي التي أنشأت مستدمرة إسرائيل ،وهي التي تغاضت عن عدم تنفيذها لتعهدها بإعادة اللاجئين الفلسطينيين دون قيد أوشرط،مقابل إعتراف الأمم المتحدة بها ؟ثم ألا تعرف أن مجلس الأمن بالتحديد هو حامي حمى هذه المستدمرة ،وان بلدها الجديد التي تنتمي إليه وهو امريكا ،تكرس كل إمكانياتها لحماية هذه المستدمرة ؟
في مثل هذه الحالة يقال للمندوبين الإسرائيلي والأمريكية إن كنت تدري فتلك مصيبة وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم ،وحبل الكذب قصير ،وسينقشع الظلام يوما حتى بوجود تحالف صفقة القرن.
نيسان ـ نشر في 2018-02-22 الساعة 16:30
رأي: أسعد العزوني كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية