اتصل بنا
 

اغتراب القيم

نيسان ـ نشر في 2018-03-06 الساعة 18:47

نيسان ـ

ميسون برهومة

لم تعد المصطلحات الفلسفية الجدلية مصطلحات مجرده من روحها ومنطقها ، وإنما أصبحت جزءا من حالة نتائج التأملات للسلوك الذي يمارس ، وأساس لمنظومة القيم التي توجه الفرد فتكون اعتقاداته وما يؤمن به ، فحالة المجتمع في رفضه لواقعه وما ال إليه ذلك الإحباط جعله يبتعد وينأى عن محيطه وواقعه وكأنه لا يمثله وهو ليس جزءا منه ، وكأنه مشاهد لحالة بعيدة عن التوقع والفضول والحكم ، وهذا ما يشكل حالة الاغتراب التي هي بمجملها أن (لا يأكل الفرد مما ينتج) ، ولا يكون جزء من المجتمع بكل مكوناته ، ويرى كل ما يحدث بعيدا عنه ولا يؤثر به ولا يشكل له توجه أو يحركه قيمه .

إلا أن ما يحدث الان في المجتمع الأردني هو أمر فاق التصنيفات العلمية ، ولم يعد يخضع لتحليل نظري أو لمفهوم فلسفي يخضع لتفسير معنى الاغتراب ، فحالة الاغتراب تفسر عندما يسلب من الفرد حق التغيير أو صنع القرار ويصبح بعيدا عن حالة الإرادة التي تسلب منه ، لكن المجتمع الأردني بعيدا عن إرادته لأن يكون له إرادة ، رغم كل ما يتاح له ويمنح له حقا،من منظومة مجتمعية منظمة لشكل المجتمع، من خلال مؤسساته وقيمه ودستوره وتشريعاته الناظمة لذلك.

لعل خيبة أمل المواطن الأردني من مؤسساته سببت له حالة رغبه بالابتعاد عن كل ما يمكن أن تجعله بمواجهة عديمة الفائدة لأي مصدر تغيير يريده ، واقتصر الأمر على المؤسسة العائلية (العشيرة) التي ما زالت الفاعل في تنظيم علاقة الأفراد وحفظ حقوقه ، تحت مظلة الدولة التي تحافظ على كيان المجتمع وتحافظ عليه ، فالفرد يلجأ لعائلته في حال الأزمات ولا يستطيع اللجوء للمؤسسة المعنية لذلك رغم أن المؤسسات تأخذ الطابع العائلي أيضا ، هذا التناقض في تحليل سلوك المجتمع يجعل هناك ارباك لتفسير حالته بالتعامل مع مستويات صنع القرار .

الحاجة ماسة لتجرد الفرد الموجود في مركز صنع القرار من أنانيته وتفرده في التعامل مع المؤسسة كأنها حكرا لفئة اجتماعية معينه ، والتعامل معها على أنها مؤسسة وطنية ملكا للجميع ولمصلحة الجميع ، وليست حكرا على أحد أوحكرا لأي أحد أيضا، هذا سيعزز وجود الأفراد تحت مظلة واحده هو جزءا منها وليس بعيدا عنها ، يؤثر فيها ويتأثر بها ، دون حيادية أو تبلد من الانطباع وقياس ذلك ضمن معيار قيمي واضح ، هو جزء من المجتمع وتفكيره، فيتأثر الفرد بالمنتج العام للمؤسسة ويؤثر فيه من خلال إدراكه لأهمية وجوده في المنظومة الكاملة ويصبح هناك تلامس بين الذات والواقع دون أن يكون حائط زجاجي بينهما كأن الفرد مراقب لما يحدث دون إدراكه لأهمية دوره ، يتطلب تعزيز دور القيم في توجيه السلوك والمحافظة على ذلك وتعميمه ليس فقط مع المؤسسة العائلية (العشائرية) بل مع كل مؤسسات المجتمع ، ولعل مسؤولية ذلك تأتي بأول صورها على العائلة التي تفرز أفراد المجتمع ، وهنا نرى ضرورة وأهمية تعزيز دور العائلة في تعبئة روح الفرد بالقيمة والمعيار الذي توجهه وتشكل سلوكه في المجتمع، بحيث يأخذ الفرد المعيار لميزان يزن فيه سلوكه ويضع القيم بالكفة الأخرى كما يؤمن بها.

نيسان ـ نشر في 2018-03-06 الساعة 18:47


رأي: ميسون برهومة

الكلمات الأكثر بحثاً