اتصل بنا
 

حجاج بيت الله الحرام تلهج ألسنتهم بالدعاء للأمة

نيسان ـ نشر في 2024-06-15 الساعة 16:39

x
نيسان ـ هذااليومالعظيم، يوم عرفة المبارك الذي يصادفاليومالسبت، تتوحد قلوب المسلمين في كل مكان بالذكر والدعاء، وفي مقدمتهم حجاج بيتاللهالحرام الذين يقفون على صعيد عرفات، يتضرعون إلى الله، ويناجونه بالفرج والرحمة، وترتفع الأصوات ملبية نداء حال أهلغزةالذين يعيشون ظروفا قاسية بسبب العدوان الإسرائيلي علىالقطاعفهم أحوج ما يكون في هذااليومالعظيمبالدعاء لهم بان يثبتهماللهفي هذه المحنة العصيبة.
الحجاج وهم في هذااليومالذي يوحدهم على اختلاف ألوانهم وألسنتهم في صعيد واحد، وبثوب واحد يدعون الله، ويتقربون إليه، كالبنيان المرصوص يشد بعضه البعض، ويعطف بعضهم على بعض، ويتراحمون فيما بينهم في أبهى صور العظمة والإنسانية والتضامن، مغتنمين الفرصة بالدعاء لإخوانهم المسلمين، سائرين على نهج رسولنا الكريم صلىاللهعليه وسلم في التضامن والتكافل كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.
مساعد الأمين العام لشؤون الدعوة ومدير الوعظ والإرشاد في وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الدكتور إسماعيل فواز الخطبا، قال لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) نستقبل يوم عرفةاليومالتاسع من ذي الحجة، وذكر الإمام القرطبي -رحمهاللهتعالى- سبب تسميته بهذا الاسم “..لأنالناسيتعارفون فيه”. وقد أقسماللهبه في قوله تعالى:(وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) البروج: 3. فالشاهد هو يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة، وهو الوتر الذي أقسماللهبه في قوله تعالى: (وَالشَّفْعِ وَالْوَتْر) الفجر: 3، قال ابن عباس: “الشفع يوم الأضحى، والوتر يوم عرفة”.
وأضاف: انه يوم عظيم، يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار والمباهاة بأهل الموقف، قَالَ رَسُولُاللهصلىاللهعليه وسلم: (وَمَا مِنْ يوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ مِنْ يوْمِ عَرَفَةَ يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا ضَاحِينَ جَاؤُوا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ رَحْمَتِي، وَلَمْ يَرَوْا عَذَابِي، فَلَمْ يُرَ يَوْمٌ أَكْثَرُ عِتْقًا مِنَ النَّارِ مِنْ يوْمِ عَرَفَةَ) صحيح ابن حبان.
وأشار إلى أنه في مثل هذااليومالعظيم(يوم عرفة) خطب سيدنا رسولالله-صلىاللهعليه وسلم- الناس، وهو على راحلته، خطبة عظيمة؛ لأنها تحمل رسائل عظيمة إلىالناسكافة في أرجاء المعمورة، وإلى قيام الساعة. فقال صلىاللهعليه وسلم :” إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا…، ودماء الجاهلية موضوعة…. فاتقوااللهفي النساء…. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله، وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. فقال بأصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء، وينكبها إلىالناس– أي يميلها إليهم – اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثلاث مرات”.

واستكمل حديثه قائلا:” لا بد لنا، وأن نقف بعض الوقفات مع هذااليومالعظيمومع خطبة النبي -صلىاللهعليه وسلم- في حجة الوداع، لنعيش في أفياء هذه الكلمات النبويات الشريفات في تلك اللحظات المباركات من خطبته صلىاللهعليه وسلم”، إذ خاطبالناسكافة؛ لأنه -صلىاللهعليه وسلم- بُعث لهدايةالناسكل الناس. قالاللهتعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ((13)) [الحجرات: آية 13]” .
كما أنه في تحريم الدماء رسالةً قوية للناس عامة، وللمسلمين خاصة بأن يبتعدوا عن سفك الدماء وانتهاب الأموال، وهذا مما يؤكد حرمة الدماء والمحافظة على الأموال؛ وهما من مقاصد الضروريات الخمس التي جاء الإسلام ليحافظ عليهما، فضلا عن تحذير النبي -صلىاللهعليه وسلم- من أمور الجاهلية، لأنها خطر جسيم علىالناسأجمعين، فهذه رسالة إيمانية تخاطب كلالناسبالابتعاد عن كل ما لا يرضاهالله-سبحانه وتعالى- ونبيه -صلىاللهعليه وسلم- من الأقوال والأفعال والعادات والتقاليد السيئة، بحسب الخطبا.
وتابع أن رعاية النساء والعناية بهن مطلب شرعي إيماني، فالإسلام كرّم المرأة ورفع من شأنها، ولن تجد النساء أرحم من الإسلام في تكريمهن في الدارين في الحياة وبعد الممات.
وأشار إلى أنه مما يسنُّ في يوم عرفة صيامه؛ فإنّ صيامه يكفّر ذنوب سنتين، لقوله صلىاللهعليه وسلم: (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ) رواه مسلم؛ فليحرص المسلمون الذين ليسوا واقفين على صعيد عرفات على صيام هذااليومالمبارك لنيل مغفرةاللهتعالى ورضوانه.
وأوضح أن يوم عرفة يومٌ يرجى إجابة الدعاء فيه، فعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: (خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)؛ رواه الترمذي، فعلى المسلم أن يتفرغ للذكر والدعاء والاستغفار في هذااليومالعظيم، وليدع لنفسه ولِوالديْه ولأهله وللمسلمين، فينبغي للمسلم أن يكثر في هذااليومالمبارك من الدعاء، فيدعوالله-تعالى- بالمأثور عن النبي -صلىاللهعليه وسلم-، ويستحب أن يدعو لنفسه ولأهله، ولقضاء حوائجه، وللمسلمين.
وقال:”لا ننسى الدعاء لأهلنا فيغزةوفلسطين والقدس والضفة أن يحقناللهدماءهم، وأن يرحم شهداءهم، وأن يداوي جراحهم ومرضاهم، وأن ينعموا بالأمن والأمان، وأن يحفظاللهتعالى بلدناالأردنسخاءً رخاءً في ظل قيادته الحكيمة المظفرة”.
الناطق الإعلامي لدائرة الإفتاء العام، الدكتورأحمدالحراسيس، قال:”إنالحجإلى بيتاللهالحرام فريضة على كل مسلم بالغ عاقل مستطيع، قالاللهتعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]، فالحج عبادة كغيرها من العبادات لها سنن وواجبات وأركان، ومن أركانها: الوقوف بعرفة، وهو أهم ركن فيها لقول النبي صلىاللهعليه وسلم: (الحج عرفة) [سنن الترمذي]؛ لأن من فاته الوقوف فيها فاتهالحجلهذا العام، ويوم عرفة والوقوف فيه له أهمية كبيرة ومنزلة عالية رفيعة في ديننا الإسلامي؛ لذلك يحسن بالمسلم أن يعرف فضلهالعظيمالذي ورد في الكتاب والسنة”.
وأوضح أن يوم عرفة هواليومالتاسع منشهرذي الحجة، وعرفة اسم للمكان الذي يقف فيه الحجاج، وهو على نحو 23 كيلومترًا تقريبًا شرقي مكة، وقد تعددت الأقوال في سبب تسميته بهذا الاسم، وأشهرها: “أنه مشتق من المعرفة، وفيه ثمانية أقوال منها: الأول: أن آدم وحواء التقيا بعرفة فعرف أحدهما صاحبه، فسمياليومعرفة، والموضع عرفات، وثانيها: أن آدم علمه جبريل مناسك الحج، فلما وقف بعرفات قال له: أعرفت؟ قال نعم، فسمي عرفات، وثالثها: أن جبريل كان علم إبراهيم -عليه السلام- المناسك، وأوصله إلى عرفات، وقال له: أعرفت كيف تطوف وفي أي موضع تقف؟ قال نعم. والقول الثاني: في اشتقاق عرفة أنه من الاعتراف؛ لأن الحجاج إذا وقفوا في عرفة اعترفوا للحق بالربوبية والجلال والصمدية والاستغناء، ولأنفسهم بالفقر والذلة والمسكنة والحاجة، ويقال: إن آدم وحواء عليهما السلام لما وقفا بعرفات قالا: ربنا ظلمنا أنفسنا، فقالاللهسبحانه وتعالى: الآن عرفتما أنفسكما. والقول الثالث: أنه من العَرْف وهو الرائحة الطيبة؛ قال تعالى: {(وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6)) [محمد: آية 6] أي طيبها لهم، ومعنى ذلك أن المذنبين لما تابوا في عرفات، فقد تخلصوا عن نجاسات الذنوب، ويكتسبون به عنداللهتعالى رائحة طيبة” [الرازي، مفاتيح الغيب، 5/ 325 بتصرف].
ولفت إلى أن يوم عرفة له من الفضائل ما يجعله يوماً من أياماللهتعالى الخالدة، ومن هذه الفضائل العظيمة: انهاليومالذي أخذاللهتعالى فيه العهد علىبنيآدم، فعن ابن عباس رضياللهعنه، عن النبي -صلىاللهعليه وسلم- قال: (أخذاللهالميثاق من ظهر آدم بنعمان – يعني عرفة – فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذر، ثم كلمهم قبلا قال: {(وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173)) [الأعراف: آية 172،173].
وأشار إلى أن يوم عرفة هو أحد أيامشهرذي الحجة الذي هو من الأشهر الحرم التي عظمهااللهتعالى بقوله: ((إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)) [التوبة: آية 36]، والأشهر الحرم هي (المحرم وذو القعدة وذو الحجة ورجب)، كما أنه أحد الأيام التي أقسماللهتعالى بها فقال: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} [الفجر: 3] و”الشفع: يوم النحر، والوَتر: يوم عرفة”. [الطبري، جامع البيان، 24/ 398]. وجاء في قولاللهتعالى: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} [البروج: 3] و”الشاهد هو يوم الجمعة، ومشهود وهو يوم عرفة”، [الطبري، جامع البيان، 24/ 333].
وأوضح أنه أحد الأيام العشرة الأول من ذي الحجة التي هي أفضل أيام السنة عنداللهتعالى في عظم الأجر والثواب؛ حيث قال النبي صلىاللهعليه وسلم: (ماالعملفي أيام أفضل منها في هذه؟) قالوا: ولا الجهاد؟ قال: (ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله، فلم يرجع بشيء) [صحيح البخاري]، وعند أبي داود: (ما من أيامالعملالصالح فيها أحب إلىاللهمن هذه الأيام) يعني أيام العشر، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: (ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء) [سنن أبي داود].
ولفت إلى أنهاليومالذي أكملاللهفيه الدين وأتم فيه النعمة؛ قالاللهتعالى: {(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) [المائدة: آية 3]، يقول ابن كثير: “هذه أكبر نعماللهعز وجل على هذه الأمة حيث أكمل تعالى لهم دينهم، فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم صلواتاللهوسلامه عليه؛ ولهذا جعلهاللهخاتم الأنبياء، وبعثه إلى الإنس والجن، فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه، ولا دين إلا ما شرعه، وكل شيء أخبر به فهو حق، وصدق لا كذب فيه ولا خلف” [تفسير ابن كثير، 3/ 26]، وهذه الآية نزلت على النبي -صلىاللهعليه وسلم- في حجة الوداع يوم عرفة، ففي قصة عمر بن الخطاب -رضياللهعنه- أن رجلًا من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلكاليومعيدًا، قال: أي آية؟ قال: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)) [المائدة: آية 3]، فقال عمر: “قد عرفنا ذلكاليوموالمكان الذي نزلت فيه على النبي -صلىاللهعليه وسلم- وهو قائم بعرفة يوم جمعة. [البخاري: صحيح البخاري].
وتابع: أنه يوم يكثر فيه العتق من النار، ويباهيالله-عز وجل- بأهل الموقف الملائكة، ففي صحيح مسلم أن النبي -صلىاللهعليه وسلم- قال: (ما من يوم أكثر من أن يعتقاللهفيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟( [صحيح مسلم]، وروى المنذري عن أنس -رضياللهعنه- قال: وقف النبي -صلىاللهعليه وسلم- بعرفات وقد كادت الشمس أن تؤوب فقال: (يا بلال أنصت لي الناس)، فقام بلال فقال: أنصتوا لرسولاللهصلىاللهعليه وسلم، فأنصتالناسفقال: (معشرالناسأتاني جبرائيل -عليه السلام- آنفا فأقرأني من ربي السلام وقال: إنالله-عز وجل- غفر لأهل عرفات وأهل المشعر، وضمن عنهم التبعات)، فقام عمر بن الخطاب -رضياللهعنه- فقال: يا رسولاللههذا لنا خاصة؟ قال: (هذا لكم ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة)، فقال عمر بن الخطاب رضياللهعنه: “كثر خيراللهوطاب” [المنذري، الترغيب والترهيب].
وبين أنهاليومالذي إذا صامه المسلم، فإنه يكفر ذنوب سنتين، يقول النبي صلىاللهعليه وسلم: (صيام يوم عرفة، أحتسب علىاللهأن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده)، [صحيح مسلم]. ومعناه كما يقول النووي: “معناه يكفر ذنوب صائمه في السنتين، قالوا: والمراد بها الصغائر.. وإن لم تكن صغائر يرجى التخفيف من الكبائر، فإن لم يكن رفعت درجات” [شرح النووي على مسلم، 8/ 51 بتصرف].
وعن حكم صيام يوم السبت منفرداً إذا صادف يوم عرفة، قال:”فيسن صيام يوم عرفة ولو صادف يوم السبت، ولا كراهة في ذلك سواء صام يوماً قبله أو لم يصم؛ لأنه من النفل المؤقت بوقت معين”.
وقال: ” إن دعاء يوم عرفة هو خير الدعاء على الإطلاق، يقول النبي صلىاللهعليه وسلم: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلااللهوحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) [سنن الترمذي]. لذا ينبغي على المسلم أن يستغل هذااليومالعظيمفي الدعاء وخاصة الأدعية الجامعة، ولا حرج في أن يخص نفسه ومن يحب بالدعاء، ولابد أن نخص إخواننا فيغزةبالدعاء في هذااليومالعظيمأن ينصرهم ويثبتهم، فالدعاء لهم من أولى الواجبات”.
وأضاف: أنه من مفاخر المسلمين وأعيادهم؛ حيث قال النبي صلىاللهعليه وسلم: (يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب) [سنن الترمذي]، كما أنه أعظم الأيام عنداللهتعالى في مغفرة الذنوب وخاصة العظام منها، حيث قال النبي صلىاللهعليه وسلم: (وما من يوم أفضل عنداللهمن يوم عرفة ينزلاللهإلى السماء الدنيا، فيباهي بأهل الأرض أهل السماء، فيقول: انظروا إلى عبادي شعثا غبرا ضاحين، جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي، ولم يروا عذابي، فلم ير يوم أكثر عتقا من النار من يوم عرفة) [صحيح ابن حبان]، وقال النبي صلىاللهعليه وسلم: (ما رئي الشيطان يوما، هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ، منه في يوم عرفة. وما ذاك إلا لما رأى من تنزل الرحمة، وتجاوزاللهعن الذنوب العظام، إلا ما أري يوم بدر)، قيل: وما رأى يوم بدر يا رسول الله؟ قال: (أما إنه قد رأى جبريل يزع الملائكة) [موطأ الإمام مالك].
وقال: لا بد أن نزرع في قلوب أبنائنا وعقولهم أن هذه الأمة أمة واحدة لما يشاهدونه في يوم عرفة من اجتماع الحجاج في صعيد واحد، بلباس واحد، يدعون ربا واحدا فلا أبلغ من هذا المشهد لتعزيز الإيمان بالله وحسن التوكل عليه.
أستاذ التفسير وعلوم القرآن في كلية الشريعة في جامعة آل البيت الدكتور عماد عبد الكريم سليم خصاونة، قال يعد يوم عرفة من خير أيام الدنيا وأحبها وأفضلها عنداللهتعالى، وهواليومالتاسع من ذي الحجة، أحد أيام العشر من ذي الحجة، وهي أيام مباركات، ذكرت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، لبيان فضلها، ولنقف على معانيها، ولنغتنم الأعمال الصالحة فيها.
فيوم عرفة يومالحجالأكبر، ويوم استجابة الدعوات، ويوم تتنزل فيه الرحمات، فيجب على المسلم أن يجتهد فيه، ويكثر من الطاعات لما له من خصائص بينات، ومنها:أنالله-سبحانه وتعالى- أكمل الدين وأتم النعمة في ذلك اليوم، فقال تعالى ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)) [المائدة: آية 3]}، وأقسماللهتعالى بذلك اليوم، فقال تعالى {وليال عشر، والشفع والوتر} وقال تعالى {وشاهد ومشهود}، وهو يوم تشهده الملائكة والناس علىالحجومناسكه.
فهو أكثر أيام الدنيا مغفرة وعتقا من النار، فقال صلىاللهعليه وسلم (ما من يوم أكثر من أن يعتقالله-عز وجل- فيه عبدا أو أمة من النار من يوم عرفة)، فينبغي للمسلم أن يكثر من ذكراللهتعالى فهو مفتاح الأعمال الصالحة، فقد صح أن ابن عمر وأبا هريرة -رضياللهعنهما- كانا يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكبرالناسبتكبيرهما، وفقا للخصاونة.
وأشار إلى أن من أهم مقاصد هذااليومالعظيمبيان مظاهر عالمية الرسالة، فيجتمعالناسعلى اختلاف ألوانهم وألسنتهم في صعيد واحد، ويدعون ربا واحدا، ويلبسون ثوبا واحدا، لتتجسد الأخوة الإنسانية بأعلى قيمها، فيشعروا بالمساواة وأنه لا فضل لأحدهم إلا بالتقوى والعمل الصالح، فتتألف القلوب وتتحد المشاعر، فيشعرالجميعبأنهم جسد واحد مع تنوع مكوناتهم واختلاف خصائصهم، فيساند بعضهم بعضا، ويعطف بعضهم على بعض، ويتراحمون فيما بينهم فالذي في مشعر عرفات الخير يشعر مع المسلمين، ويغتنم الفرصة بالدعاء لهم، قال صلىاللهعليه وسلم (خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلااللهوحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) فأكثر الذكر بركة، وأعظمه أجرا، وأقربه إجابة في هذااليومالمبارك.
وبين أنه في هذه الأيام يستشعر المسلم ما يشعر به أهلغزةوما يعانونه من الظلم والتجويع والتخويف، فيساندهم ويناصرهم بالدعاء لهم أن يثبتهماللهتعالى ويمكن لهم، داعينالله-سبحانه وتعالى- أن يحفظ بلدنا الأردن، حرا، عزيزا، كريما، آمنا، مطمئنا.

نيسان ـ نشر في 2024-06-15 الساعة 16:39

الكلمات الأكثر بحثاً