اتصل بنا
 

الحاجة مريم..سنديانة مليح وزيتونتها الباسقة

نيسان ـ نشر في 2017-10-14 الساعة 11:42

x
نيسان ـ

محمد فالح النوافعة...من وحي زيارة والدي وزوجتي أم صدام لعميدة قريتنا ( الحجة مريم سليمان الخضور بني حميدة) أم فاطمة زوجة محمد الخضور (رحمه الله ) عميدة مليح بوشمها والتي صارعت الزمن بعد رحيل رفيق حياتها ومؤنس وحشتها أكثر من أربعين عاما بل قل وأكثر.
, قضت حياتها متنقلة بين السهول والتلال والجبال, وعيونها ترقب السماء حيث نجومه وكواكبه وهلاله , وفي ضياء الشمس تحاكي الطبيعة وجمالها, فتنسج حكاياتها بقوة الخيال حينا قصة لحجة اسمها مريم.
تمازجت حياتها نغما بين الخير وحب الناس, باثةً أنينها لحنا تعزفه همسا, عاتبة على وطن نساها, رغم نجاحها في تربية بناتها الثلاث, وهي التي نذرت نفسها لحياتهن رغم شظف العيش.
نعم نسيتها المطالبات بحقوق النسوة فيك ياوطني, وهنا يطرق السؤال نفسه أين دور الجهات المختصة الباحثة عن السبق في وزاراتنا لتكريم النخبة والتميز عنوان إحتفال تشد له الرحال حضورا , لتكريمها شموخا يليق بها سنديانة مليح وزيتونتها الراسخة جذورها أصلا وفصلا , المزهوة بعصبتها وسفعتها ومدرقتها شرفا تفاخر فيه.
نعم للإلتفات لعميدة القرية تكريما يليق بها, وبحناء نقش وجهها الموشوم تيها وعزا , راسما جغرافية التجاعيد على وجهها تاريخا يدرس , حتى تكاد جزما تتيه في معرفة مكنوناته ورمزيته ,تنظر بعيونها المتالمة جمالا آخاذا رغم تقادم الزمن , نظرة حالمة آمنة مطمئنة في سربها, وذوائبها آشابها الدهر طهرا وعفافا فيتنفس الفجر بهن ماء وضوء الصلاة.

لتاريخ عابق بذكرياتها الخالدة لسيرة حياة حافلة بالأحداث, سجل لها شاهدة لولادة القرية بكل تفاصيلها المكانية والزمانية , راسما على وجهها خريطة الأيام بأفراحها وأتراحها, فتقرأ في قسمات وجهها البشوش , تجاعيد غبار الوقت , بخطوط لا يجيد فك طلاسمها إلا من عاش وتعايش معها تفاصيل التفاصيل , حرفا وكلمة وجملة ذات معنى ودلالة قد لا يفهمها الكثير من أبناء جيل اليوم, ولقد حضيت شرفا معرفتها منذ طفولتي جارة نزل حلوة النفس وقاموسها مترع بمعاني وألغاز وعبر وحكم وقصص, ترويها بعفوية صادقة تجملها ذاكرة تغبن عليها.
لمن دلف إلى بيتها زائرا يرتشف بمعيتها فنجان قهوة عز وكبرياء عز نظيرها, كيف لا ومذاقها ممزوج بتعاليل ماض مزين بغلاف إنسانية الإنسان فعلا قبل القول, ماض تليد يتنفس فيه المرء النسيم عليلا , ماض يضرب الكف بالكف شوقا إليه وتحنانا , رغم ما تلحف به وتدثر وتجشم من صعاب وعثرات وأزمات مادية ومعنوية , معها يمضي الوقت بثوانيه ودقائقه على عجل.
وكأنك حسبت أن ساعتك مسها جنيا أو عفريتا من أبطال ذاك الزمان , فتلاعب بها أو كدمية عبث بها الأطفال , لكن تفيق من غفوتك لصوت يمتد نحوك أن شمر لرجليك الرحيل قفلا , فلقد أطلت المكوث في محراب الحاجة مريم , فالمؤذن يصدح أن حي على الصلاة مغربا لرب مريم , فهي على موعد مناجاة بترانيم حاكها لسانها الرطب تسبيحا وتحميدا لربها , فرضا تعرف سكناته وحركاته وما بينهما خطابا ودعاء قدسيا طهورا قد درسته عن ظهر قلب رغم أميتها.
شيبتها الأيام ولم تلتفت خلفها تمضي صمتا يتكلم حكما وعبر ودروس وتجارب , وترقب حراك عيونها ذات اليمين مرة وشمالها آخرى متنقلة بعفوية بين صفحات الأمس الأجمل تستدعيها حضورا لتبدي من بعد ضعف قوة, وأحيانا لهذا الضعف تأوي وتركن , وخجلنا يتراقص عتبا لها ماذا قدمنا لها من إستثمار في سوق الحسنات , عند رب لا تضيع عنده مثقال ذرة خير لحسن معاملة وبر وعون لكبارنا خلقا وخلقا , نحتاجهم لذلك اليوم الموعود, فدعواتهم وكلماتهم العذبة الشجية, النابعة صفاء ونقاء يحاكي ثلج السماء وبرده لونا , مباركة من القلب تخرج يقينا يعشق طربا إنسانيا , يطول عمرك , الله معك , يحفظك ربي , يستر بيتك , ربي يقاك .

نيسان ـ نشر في 2017-10-14 الساعة 11:42

الكلمات الأكثر بحثاً